المشاركات

عرض المشاركات من 2013

في رواق أوسكار كوكوشكا OK

صورة
  أخيرا في رواق أوسكار كوكوشكا, ولد في النمسا , عاش في ألمانيا أيضا وتألق فيها، رحل إلى سويسرا وتوفي فيها وقبل ذلك زار شمال إفريقيا. أحبَّ وأتعبه الحب وتجند وأتعبته الحرب أكثر. كوكوشكا كثيف الألوان  رسم الپوتريهات والأطفال وانتقل بين الألوان من الداكن إلى الفاتح وجهر بالأحمر في أكثر من لوحة. في لوحته ''قوة الموسيقى '' تظهر الفتاة بألوان أكثر ضعفا من الأحمر الذي يظهر به الصبي لكنها تنفخ في آلتها الموسيقية فتصيبه بالفزع كما يظهر الحيوان هارباً في خلفية اللوحة. إسم اللوحة كان في البداية القوة والضعف وهو اسم يشي بما تحمله اللوحة من رمزية النقيضين. حيوانات كوكوشكا تختلف عن حيوانات فرانز مارك ليس فيها من التكعيبية وتوحد اللون شيء. تختبئ لتنكشف بطبعها تتسرب للمشهد لتخرج منه كائنات حية بسلوك ونوايا. يتربص القط بسلة الفواكه الفاتحة الألوان ويمشي القط الآخر ليسبقه ذُعر الحمام. السلاحف العملاقة تبحث عن مُشاهد متأمل ليكتشفها ونظرتها الخجولة الهادئة بينما تقفز السمكة الزرقاء لتلتقطها العين من أول نظرة. تايم جانتلمان بليز واحدة من أواخر أعمال الفنان التي تحمل رمزية وحركات ريشته ا

وقفات فنية

صورة
حاولت الإسراع قليلا، مررت بلوحات مُظلمة لكوربيه وابتسمت. قلت في نفسي كم أتعب تمثيل الضوء الفنانين وكم أضناهم في نقله ليكون كما يكون وكما يشاؤون ويستقر النور بوهجه وروعته في مشاهدهم. سالومي بريشة دوشاڤان كانت تعطي الإشارة ليفقد يوحنا المعمدان رأسه. إبتعدت عنها لتستوقني خزانة كييس فان دونغن، المرأة والألوان داخل الإطار تشي بأسرار لمسات ريشته وتدرجات الأصفر تزيد من حضور اللوحة في المكان. التركيبة الثانية لمربعات موندريان خلت من الأحمر فيها أصفر وأبيض وقليل من الأزرق يتناسق مع أشكال كادينسكي في الجوار ووجوه أزواج پيكاسو في الجدران القريبة. جئت قاصدة مجموعة كوكوشكا لوحات بتوقيعOK لكن دالي حاضر والجدران المخصصة لأعمالـه تفتح عوالم نوافذها لوحاته. لم ألحظ الخطوط على تنورة المرأة المتأملة البحر قبل اليوم، شاهدت اللوحة كثيرا في الصور ولم يكن في أي منها بحر دالي الحقيقي الذي يأخذ المشاهد إليه برماديه وزرقته وانفتاحه على العين. كيف نجح دالي في جعل مائه يتوحد, في لوحة الطاولة والشمس, مع الرمل وأوقف الجَمَل والقوارب والخيال في عالمه المدهش الذي لايكبح الخيال ويدعمه ليصير حقيقة. الفتاة تلعب ب

بنفسج

صورة
لأنني أسعد بقليل، تفتحت المزيد من البنفسجات. نادتني لآخذ لها صورة جماعية، أخبرتني أنها لم تخف من العاصفة وأنها غنت على وقع المطر. خمنت أن من لاتبعثرهم العاصفة يباركهم ضوء النهار ويزدادون جمالا. Nassira 4-10-2013  

حللنا أيها الخريف

نحن من تتشبث الحياة بنا وتسحبنا من حزن لحزن لحزن لفرح، نُشبه دمـوعنا الشفافـة المتأثـرة بالألـم ورحـمة اللـَّه. نـقوى على الـمحبة ونرزق الصباح ابتساماتنا الودودة مُنْسَلِّين من هواجسنا إلى الأمـل الأصم الهادر بداخـلنا. حللنا في طقـوسك الشاحـبة قبل أن تأذن، فاستلِمنا أيها الخريف ! لا نَعِدُ بغيـر الإرادة المتفجرة كلـمات ونشيـد، افتح شهورك لحروفنا ننتمي. جائـعون للانتماء، ضائعون في المكان نُلَمْلِمُنا من أمانينا وشرود أحلامنا لنعلق في أدوارنا ونستمر. إستـمر بنا، بالشال الأليف الدافئ وهمـس الحنـين في نهر العسل المغادر نحو القلب. نحتاج للإيـواء الآمـن الحنـون ولإيقاع لايفزع، ينتهي ليبتدئ ويبتدئ ليستدير فيجاريه النبض، يمضي ليعود إلى لحـظاته الأشهى. صـعبٌ استيعاب وشوشات العيون ومع ذلك نصر أن نوشوش بالنظرات بأنَّنا نُحبُّ أن نكون وأن نوجد أصدقاء لكل الفصول. لانستثني أيَّامًا غير تلك القاسية حدَّ الإيلام الباعث على الوهن ودخولنا ساحة التراجيديا مرغمين. Nassira

امرأة توقظ الخريف من الكسل

توهم الصباح أَنِّي ابتعدت. أشفق عليَّ وهو يراني أستيقظ فَزِعَـة. مضى يحفظ مقامات المطر ويعدُّ المظلات حتى الزوال و كنت بيني وبينـه أبحث عن طريقتي لاحتضان الشجاعة. لاأريدها إلاَّ أليفة، معتادة عليّ، لاتطير مني ساعة ارتباك أو ذهول. أغوص في هَمِّي وعذاباتي وأخرجُ منها امرأة توقظ الخريف من الكسل، تحضه على دحرجة الكستناء وزفة الأوراق الذابلـة. أَيُّها الإيمان ! ياإيماني الكبير كُنْ مُعِيناً ورفيقاً ولاتخذلني! ضفـة الغد الهانئ أقصد. خالية من سلطتي على ماسيأتي، أراهن على الخير الذي لاينضب، على يُسْرٍ بعد العسر، على الصبر وثاقا لشجاعةٍ لاتنفلت. يتأرجح الأمل حتى انكشاف صفحة القدر وأنا أشحن طاقتي بالدعاء. هذا الخريف المتخلص من الكسل يُبْدِع ويُجن ويجن ليبدع. لأيلوله أزهار نجمية بنفسجية وأغصان أشجار تراقص الريح وقلوبٌ أسقطت أقفالها. ذاك قلبي بينها, لم يكن له قِفْلٌ ولن يكون. Nassira  15-09-2013

الموسومات بالرِّقَة ---نصيرة تختوخ

الموسومات   بالرِّقَة  وردٌ يُدَاري التَّجوف،  أثرهن بذور،  وعطرهن شذا حُرّ  تتمتمهن الذاكرة همسات ناعمات في القلب  متوضئات بالنور،  مُخلصات لطريقتهن في البقاء،  بعيداً عن الإيلام، نحو قِبلة السعادة  يُبْعثن بلِين، كَأَنْ مَرَّنَهُنَ النَّسيم وباركتهن ابتسامة مـلاك. Nassira

عندما لا يملؤني العالم

عندما لا يملؤني العالم--نصيرة تختوخ عندما لا يملؤني العالم أبحث عني لأجذبني إليه أرى في طريقي الكلام يتلاشى والأحداث تدور في فلك مستقل كُلَّما ابتعدت لأقترب منِّي تتوغل المجرة في السنوات الضوئية، تبتلع التفاصيل ترميها حصى أو نجوم وأجدني في كوني الذَّاهب إلى حيث يصغر العالم. Nassira 18-06-2013

القصيدة عندما لاتأتي ــــ نصيرة تختوخ

تبكيني القصيدة السابحـة ، الرابضة لحظة انطلاق ياخوفها! حين تؤمن بلزوجتها وتأوي للظلام في العمق يارعشتي! حين أذكر جاذبيـة الضَّياع ليت الكلمات حين لاتفصح عن نفسها، تتركنا أوضح من الماء بلونٍ ما  مفهومين أكثر من النِّصف المليء أو الفارغ متشبثين بغير الانتظار قريبا من الغموض نرقب تطور الهروب والفراغ لعل القصيدة التي تغذت على البلانكتون تطلع مضيئـة، مستعدة للتحول قابلة للإفصاح والمجالسة لانحتاج أن تؤنسنا بل أن تكتبنا لاشيء غير أن نقرأنا Nassira  13-06-2013

خفـيفـة نحو الحياة ــــ نصيرة تختوخ

أراقص ظِلَّ السؤال الشريد. أَكُفُّ إن أنكرني الصدى، إن ارتدتني الريح ، إن عرفت وجـه الحقيقة الصبوح. بعيـدا عمن يحـشون وسائد الكلام بصوف أوهامهم . قريباً من السِّلْمِ الذي لاينازع أحدا ويحتمي من تجاذب الأفكار. أمضي في طريقي نحو الحياد المُتَنَازل عن التأثير والتأثر. مِنِّي، إِلَيّ و لاشيء غير البداية والنهاية الدائرتين حولي. هذا الكون ياكوني الطامح للصفاء اللامتناهي، أجيئك خالصة النِّيَة، شفافـة الروح مُحِيلة المُضْطَرب إلى منتظم، هادئٍ، لأُنْـصِت لإيقـاع الحياة الفطري. يانَفْسُ، اسعدي بخُلُوِّك من ثِقل الأحاسيس المنغلقة على السوء. يانَفْسُ، انعمي ببراح الفراغ. تَحَرَّرِي من الأحجام والأوزان، من كُلِّ مايحتل مكاناً ولو عابراً. تعالي إليّ أيتها الرَّاحـة المنشودة، الماحـية للعوالق لأنِّي أقصدك وحدي وأريدك وحدك. وديـعة استلميني وانعسي بداخلي، لتهمس زنابق الوادي للـماء والمـاء للغيـمة البيـضاء والبياض للزرقـة والزرقـة للـون الذي يريد أن يغتسل فيعلن أن روحي أعذب نبـع يحلـو شرب مائـه، ومنه ينطلق الغناء للحياة الجديدة.  Nassira

نحو ابتسامــــة

إشتهيت ابتسامة كتِلْكَ الصغيرة المخبأة بحرص في طرف قوس قزح تحت حراسة طاوس أبيض. انتظرتها لعلها تُفلت حين يتبختر الطير وتنعكس ألوان الطيف على ريشه لكنها ظلت حبيسةً وأطلَّت الوجوه غائمة أشعرتني بنُدرة الحظ في يوم لم يهادن أمسه المطر. مرَّ الخولي قلقاً متوجسا على سرب الحمام وعطاء زهور الشمس إن بقي الموسم على ماهو عليه ، أسقط ساعي البريد نصف ما...حملته حقيبته في الوحل في لحظة عدم اتزان و ظل لوح شباك شرفة السيدة عواطف يتأرجح مع الريح كما كان منذ يومين...كِدت في شرودي أطأ ضفدعا لزجاً قفز في آخر لحظة وكأنه تردد طويلا قبل اتخاذ قراره. شدني تباطؤه، تبعته قليلا ثم تابعت المشوار إلى طريق القصب. يقال أن أَحدهم ذات زمان أقام خيمـة هناك، قبل أن يُشَقَّ الطريق ويُوزع القصب على الحافتين، وأنه صنع من القصبات عشرات النايات كلما عزف عليها ليلاً توقف نقيق الضفادع ودخل الناس أحلامهم هادئين. لم يعد للخيمـة أثر ، مرَّرت أصابعي على بعض السيقان الأسطوانية النحيلة. كان يتحسسها قبل أن يصنع ثقوبه ويَمْزِج بعد ذلك الهواء بالشجون ليخرج منها مُنعتقا منطلقا نحو الفضاء الرَّحب. كم كان في وقته من وقت وكم أخذ من وحداته

كل يوم وأنت بخير ياسيدة حبي ياأمـــي.

صورة

عندما يحلو للأزهار أن تتصور بعدستي

صورة

خطوة خطوة..

أَذِنْتُ للزنابق أن تعـلو وتطول ولليلـك أن يتسلق آخر الشـبابيـك وللضـباب أن يسيـجنا. لتلبـسْ أي زهـرة تستشعر البرد معطف بتلاتها ولتغطـس النـحلـة في الرحـيـق حتـى نسمح لها بالتنقـل، وليسكـت المــاء. أرجـوك لاتُعِد علي أن المكان ممتلـئ وسـاعدنـي في تحرير الفراغ ومحـو الأدوار. أخـاف أن يباغتنا حفيف جناح فراشـة أو يشعل انتباهنا تمايل ورقـة . أخبر من تبقوا بلغتهم أن الحديـث مباح لنا فقط. تعال أهمس لك كيف تتحدث الأغصان وكيف تقنعـها وكيـف توصل الكلام إلى اللقالق وكيـف يغدو الكـون، حين ينطفئ فضـول الكائنـات، جميـلا. لكن قبـلها أحب أن أوصيـك بـي. أطْفِئ ظِلـِّك إن لامس طيـفي واخفض صوتـك إن أغمضت عينـي وابسـط راحتك إن سقـطت دمـعة منـي، لتمـوت حيث تشتـهي. إذا نـامت كل البجعـات ستشهد البحيـرة الصامتة أننا أروع الكائنات وأن طقوسنا أكثر بيـاضا من جناح البجع. وقد تبـوح بذلك ذات ليلة للقمـر . خطوة خطوة تمهل هنـاك زمان ذائـب وزمان ذاهب إلى الـسعـادة سنفتح بوابته. Nassira

ثقتك

ثقتك من أين جاءت وكيف جاءت وبما تعززت وعلى ما اقتاتت؟ أظـل أَهُـزُّها، أُرْبـِكُها، أمتحنـها وتخرج من كل امتحاناتي منتشية بنصرها قاتلة للظنـون. تَجْعَلُها درعي الشفاف الذي تحميني به. فأستسلم لممارستك باسمـة مُسقِطـة لحركاتي. أود أن أنبهها ،أن أُعَلِّمها عَدَّ الاحتمالات وتُغْرِق كل احتمالاتـي في بحـر يقـينها. هبةُ قَدَرٍ ثقـتك، واحدة من أحـلى هبات القدر. تدخلني مدارات البكـاء حين أخشـى أن تكبر أكثر من حقائقي، ومدارات الفـرح حين تتجلى في موعدها ومداراتك دونما حذر. Nassira

أبي الذهاب والبقاء

في الصباح الذي توفي فيه والدي خرجتُ من العالم راكضة في حزني مُمَزِّقَةً كل الأسلاك الشائكـة بين الواقع والأماني كي أحول أمنية بقاء الغالي إلى حقيقة وخُيِّلَ لي أنِّي فشلت. عدتُ منهكـة بعد أن غاب موكب الجنازة عن الأنظار ولم يكن لأحدٍ أن يتبين المسافات التي قطعتها والجروح النازفـة التي انفتحت بداخلي ولُذْتُ مسالمة للصمت. اكتظ البيت بالكلام والدموع والأشياء واللام رئي الوحيد الحاضر كان أبي. أبي الهادئ الذي حدث أن أنهكته السخافات العابثة بالطاقة، أقَرَّ الجميع أنه غادر إلى الأبديـة. معنى ذلك أنه لن يعود جسداً ليجالسنا ويكلمنا ويروح ويجيء على مدار النهار. معنى ذلك أنه ماتَ فعلاً وأن لا ركضي ولا دعائي ولا بكائي أعادوه. بدا أنَّني فشلت وهذه الجمعة مثال مضاد يشهد بالعكس. لم يَغب أبٌ له ابنة تستحضر الجمـيل فيه وتُذَكِّرُ بوجوده الممتد بروعـة في دنيا الأحيـــاء. تدعو له بتلك الرحمـة الإلهية الرحبة وبذلك الرِّفق الرَّؤوف وتلك الجنـة التي كان يرومها لينعم فيها راضياً، مرضياً بلا مضايقات ولا إزعاج. تُحبه كأمس، ككل يوم بصدق ، بعاطفـة رائـعة تنجح في التَّشُكل عندما يكبر الأبناء في ظلال نفوس

ماأشعر به. قصة للكاتبة ليديا ديڤيس ـــ ترجمة: نصيرة تختوخ

هذه الأيام أحاول أن أقول لنفسي بأن ما أشعر به ليس مهما. قرأت هذا لحد الآن في عدة كتب : أن ماأشعر به مهم لكنه ليس مركز كل شيء. ربما أصدق هذا لكن ليس بالشكل الكافي الذي يجعلني أتصرف من خلاله. أحتاج لتصديق هذا بعمق أكبر. كم سيكون مريحا لو حدث ذلك. لن أحتاج للتفكير فيما شعرت به طوال الوقت ومحاولة التحكم فيه، بكل مايشوبه من تعقيدات وكل النتائج المترتبة عن ذلك. لن أكون مضطرة لمحاولة الانتقال لشعور أفضل طول الوقت. في الحقيقة إذا لم أعتقد بأن ما شعرت به كان مهما، من المحتمل أن لا أحس بكثير من الاستياء ولن يكون الانتقال للإحساس بالتحسن صعبا للغاية. لن أكون مضطرة للقول، آه أشعر بإحساس فظيع وكأن نهايتي هنا، في غرفة المعيشة المظلمة هذه ، في وقت متأخر من الليل، والشارع المظلم خارجاً خاضع لعواميد النور . أنا وحيدة جدا، كل من في البيت نائمون، ليس من سلوان في أي مكان. وحدي هنا في الأسفل لن أستطيع أبداً تهدئة نفسي لأنام، أبدا لن أنام، أبدا لن أستطيع المرور لليوم الموالي، لن أستطيع، لن أستطيع العيش ، حتى للحظة الموالية. لو لم أصدق أن ماأشعر به هو مركز كل شيء، لما كان مركز كل شيء. لكان شيئا جانبيا فقط،

المختبئ خلف الأبيض

أَيُّهَا المختبئ خلف الأبيض تشجع قليلاً، الربيع فَتَّحَ في القلب وردةً فاح عطرها وانتشى المكان. انسحبَ كُلُّ القلق ليُورِقَ الصباح ، تَدْلِفَ الحياة بأُغْنِيَةٍ ترفرفُ على وادي الأماني وتنتثرُ البسمات. يلاعبُ النسيم ظِلَّه اللامرئي، يَدْفَعُ البتلات من غصن الشجرة المُزهرة إلى الماء. أَيُّها المختبئ، كلماتي ظِبَاءٌ تَمشي في موكبها، تَثِبُ حين يحلو لها لَعُوبَة ... ً، لا خَائفـة . وَدَّعْتُ هواجسي، روضت كواسر الكوابيس وأَنِسَ لي شعب الذِّئاب. طاب للبلاب التسلق، تَعَلَّمْ مِنْهُ رشَّ الأناقة على الكثافة وازحف بحلمك صاعداً، مُرْبِكاً خط الوصول. الحياة للماضين فيها، لمن للنَّهار يخرجون. لاتُحْرِج الأبيض أكثر، اتركه لتشريع المراكب المندفعة نحو الدِّلتا واملأ سطورك. وردتي تشحذ شوكتها الخامسـة و الثامنة على الشمال، ليس بعد العطر الأذى وإنَّما تحمي نفسها سيدة الدَّلال. Nassira

أَفْرَغْتُ قَلْبِي

أفرغت قلبي . وضعت الأوقات في الساعات ، شردت الأشخاص في طريق صحراوي وأطلقت الكلام في الهواء، حتى ذلك الذي كان يعرج وكان مهدَّداً بكسور جديدة. لم أفكر في المصائر، لم يثبت أحدٌ أن التفكير في المصائر من اختصاص اللاَّمسؤولين عنها. إخلاء القلب يعفي من العاطفة ويفك الارتباط بين الإحساس والواجب، يحرر من الوجوه والأمكنة والماضي ولو كان م ... نفلتا بلحظة. يأتي الصباح محايداً وتُحَرِّك الرِّيح شجيرة المانوليا في الحديقة برفق، أود أن أخبرها أن بإمكانها أن تهزها بعنف أيضا لأن العلاقة بيني وبين مستقبل المانوليا اختلفت، لكني أنشغل بالعقعق المتنقل كلِّص حذر على الجدار. يفحص العشب الأخضر بنظراته من الأعلى، احتمالُ أن يكون واحداً من تلك الطيور التي تعودت على فتات الخبز الذي أتصدق به يوميا واردٌ جدّاً. يمنحني القلب الفارغ فرص ممارساتٍ جديدة . أُعِدُّ فطوري هادئـة. وقد زاح الارتباط العاطفي بيني وبين الفنجان الأحمـر يمكن أن أتناول قهوة بنكهة الفانيليا والكاكاو في كأس زجاجي طويل، عريض إلى حدٍّ ما، شفاف أو في أي فنجان فخاري مجهول الانتماء. سأكتب لاحقاً بعد رشفتين أو ثلاث بعد تدوين التاريخ: 11ـــ05ــ2013 &

إلى أختي في عيد ميلادها

صورة
كُلَّمَا عاد أيَّار إلى أحضان الربيع تعود ذكرى ميلادك لتزيد عمرك شمعـة. تحتفي بك الأزهار في باقاتها والبسمات على شفاه أحبتك ويزهو اليوم بحضورك كأنك تنزلين فيه لأول مرة. تفضلي إلى الفرح، إلى نشوة الدفء في قلوب تحبك، إلى محطات العمر الفاتحة شبابيك تذاكر الأحلام والأماني ولا تترددي . مازال بعد الغد غد مازال بعد الحلم حلم مازال الحب يورق ويزهر مازلنا على الدرب نسير ونلتقي ، نذكر الماضي الجميل ونرفع أشرعة الحنين ليأخذنا إلى ضحكات الطفولة. يوم جئت للدنيا انطلق صوتك أنشودة عذبة في قلب والِدَينا وكل يوم مثله أنت أنشودة في الدنيا حلوة. ياحبيبتي، لَكِ ألف أمنية وأمنيـة جميلـة. لَكِ أكوان حُبٍّ تدور حولك. لك الكلام الصاعد شفافا، رائعاً محلقا حتى يصلك ويخبرك أنني أحبك جدّاً وأسعد دوماً حين تسعدين فدامت لك الأوقات المسكونة بالرضا والفرح ودمت بخير. كل عام وكل يوم وكل لحظة وأنت بخير. Nassira 12-05-2013  

ثقب العجلة

خذلته الدراجة و ثُقب عجلتها يمنعها من الحفاظ على الهواء. أدرك أنه سيتأخر عن الموعد واحتار فيما يفعل. استسلم لقدره ومشى يجر دراجته . في طريقه صادف سيدة عجوز تتحدى العمر، قالت بعد أن حَيَّته أنها تقاوم ألم المفاصل بالرياضة وتمنى لها هو حظا سعيدا وابتسم. ظل يجر دراجته و يحمل ابتسامته إلى أن وصل ، اكتشف أن الموعد لم يكن مهما جدا و أن العطب لم يكن مضرا للغاية وأن العجوز كانت جميلة بشيء ما فيها . Nassira

وجه الصباح

عندما بللت قطرات الندى أوراق القصب وحط النورس كالتائه على سقف القرميد كان وجه الصباح بشوشا ينظر إليها وهي تقف أمام خزانة الملابس، تتردد  بشأن ما سترتديه. ضحك وجه الصباح وتنحى لتمر حزمة أشعة بعثتها الشمس. إرتسمت أقواس قزح على جنبات المرايا فاتخذت قرارها باسمة. لَبِسَتْ ألوانًا وألوانًا وفتحت النافذة ليدخل المزيد من الصباح. Nassira  

للأسف أو لحسن الحظ...

لاأستطيع الانسجام مع جميع الأشخاص،  فبعض الأشخاص مثلاً من مواليد عام البَقّْ. Nassira 8-5-2013

وداعة

صورة
لأنك كنت وديعا كالقمر وصافياً كنبع الماء، وددت لو أرتب حلمك كباقات الأربعاء: أضع زهورها في المزهريات التي تناسبها، فَتُعْجَبُ بها العيون وتنشرح لها الصدور وتقول الشفاه: يا الله ! Nassira للمزيد من مواضيعي

بعدستي 3-05-2013

صورة

الأشياء الضائعة ـ قصة قصيرة جدا للكاتبة ليديا ديڤيس ـــ ترجمة نصيرة تختوخ

لقد ضاعت، لكن في نفس الوقت لم تضع بل هي في مكان ما في العالم. معظمها صغيرة، مع أن اثنين منها أكبر: أحدها معطف والثاني كلب. من الأشياء الصغيرة بالتأكيد خاتم ما و زرٌّ ما. ضاعا مني ومن المكان الذي أنا فيه لكنهما بالتأكيد لم يتبددا. هما في مكان ما وهما هناك لشخص آخر ربما. لكن إذا لم يكن الخاتم هناك لشخص ما، فإنه لن يكون قد ضاع من نفسه، سيكون هناك، فقط في غير المكان الذي أتواجد فيه؛ والزر أيضا هناك، باقٍ، فقط في غير مكاني. Nassira

سلوك غريب ـــ قصة قصيرة جدا للكاتبة ليديا ديڤيس ــ ترجمة: نصيرة تختوخ

 أنت ترى كم العتب على الظروف. لَسْتُ في الحقيقة شخصا غريبا عندما أضع أكثر فأكثر قطعا صغيرة من قصاصات المناديل الورقية في أذني وأربط رأسي بوشاح : عندما كنت أعيش لوحدي كان لدي كل الصمت الذي أحتاجه. Nassira

بعدستي هذا الصباح

صورة

مجتمع ــــ قصة لفرانز كافكا ـــ ترجمة: نصيرة تختوخ

نحن خمسة أصدقاء. جئنا في مرة متتابعين من بيت. في البداية جاء واحد ووقف بجانب الباب، ثم أتى الثاني، أو من الأفضل القول انزلق، بخفة كما تنزلق قطرة زئبق، من الباب ولم يقف بعيدا كثيرا عن الأول ثم الثالث والرابع والخامس. في النهاية وجدنا أنفسنا جميعاً في صف واحد. لاحظنا الناس، كانوا يشيرون إلينا ويقولون :'' هؤلاء الخمسة؛ جاؤوا من ذلك البيت ''. منذ ذلك الحين ونحن نعيش سوية؛ وكانت ستكون حياةً مسالمة لو لم يأت ذلك السادس ويحاول الانضمام إلينا. إنه لا يفعل لنا شيئا، لكننا نجده صعبا وهذا يكفي. لماذا يفرض نفسه في مكان هو غير مرغوب فيه؟ نحن لا نعرفه ولانريد تقبله في مجموعتنا. نحن الخمسة لم نعرف بعضنا في الماضي ، لكن ماهو ممكن بيننا ومحتمل ليس ممكنا مع السادس وليس محتملاً. أكثر من ذلك نحن خمسة ولانريد أن نكون ستة. ومامعنى أيضا أن نكون باستمرار معاً وما قيمة ذلك، حتى بالنسبة لنا نحن الخمسة لا معنى لذلك. لكننا الآن مجتمعون وسنبقى كذلك ولانريد ارتباطاً جديدا، تحديداً، بناءً على تجاربنا. لكن كيف يمكن إقناع السادس بهذا. محاضرات الشرح الطويلة قد تعني أننا قبلناه في مجموعتنا. من الأفضل أل

إلى صديقة ــــ رسائل قصيرة ـــ

صورة
أُودِعُ ياصديقتي في صباحك وردتين واحدة لكِ والثانيـة لكِ أيـضا، لكنهما معاً كي تكن ثلاثة وتصرن جماعـة في استقبال النهار. قَبِلْتُ كل هداياك وأنا أعـلم أن أحلى الهدايا ابتدأت في التَّشكل حين اقتربنا وتعلمنا أن نحفظ الصداقة وأَن لاننساها؛ نضعها في حقائبنا ونحن مسافرات ونكشفها في مواسم الحزن و الفرح ومابينهما. كل عام وأنت صديــقتي. كل عام و قلبك العامر بالطيبة بخيـر وأيامك على مواعيد مع الفـرح. كل عام والكون ينعم بوجود إناثٍ من خامتك والورد يؤلف مقامات للاحتفاء بحُسْنِ حضورك. كل عام في ذكرى ميلادك ولذكرى ميلادك أحلى الأماني وأسراب تهاني بكل لغات الدنيا. دمت بخير. كُنتُ متعبـة وكان كلامــك كالنهر الجاري أمشي على ضفتـه فيرافقني بانسياب . من أين جئت بكل ذلك الكلام الطويل؟ أعــترف أنـه كان جميــلا وأنه جعلني أشرع حلما كبيرا و قبل ذلك ضخ طاقة من نور القلب. أفتقدك ياصديقتي، أفتقدك وأنت تبتسمين، وأنت تبوحين وحتى وأنت تتذمرين وأتمنى أن تكوني بخير وأن يكون الجسر المؤدي لحضورك قريبا من خطاك. عندما تختارين الصمت وأهديكِ الكلام فليس ذلك ثرثرة مِنِّي ولا تَوَدُّدا ً غير مرغوب فيه. إِن

الكلمات تنبت جذورا أحيانا --ترجمتي لحكاية إغريقية

يحكى أنه عاش في بلاد الإغريق ملك جبار به عيب خلقي حاول إخفاءه عن الجميع عدا شخص واحد.فقد كان للملك قرن صغير على رأسه وكان هذا الأخير يغطي رأسه دوما حتى لا يسخر منه عدا أمام حلاقه الذي إستأمنه على السر وكان مهددا إن كشفه بالقتل. في كل مرة كان يأتي فيها الحلاق إلى القصر كان الملك يذكره أنه سيقطع رأسه إن أخبر أحدا بحكاية القرن الصغير على رأس الملك. مرت أعوام ولسان الحلاق يقلقه ويشتهي فضح السر .لكن خوف الحلاق على نفسه منعه من فعل ذلك.. أراد الحلاق إخراج السر بأي شكل كي يريح نفسه و يُرَوح عنها .فذهب إلى مكان بعيد به نبع ماء. إنحنى أمام نبع الماء وصرخ فيه بقوة:"للملك قَرْن!". مضت أيام وجف النبع و نبت به قصب طويل. مر أحد الرعاة يوما مع ماشيته ولفت القصب انتباهه فقطع قصبة و صنع بها نايا جميلا. بدأ الراعي بالعزف على نايه لكن مع النغمات خرج صوت يقول:"هاهاها للملك قرن،للملك قرن". سمع شخص آخر هذا و حكاه لغيره و هكذا تنقل الخبر من شخص لآخر حتى أصبح كل سكان البلاد على دراية بما ردده الناي. وصل الخبر الملك فغضب غضبا شديدا وأمر بإحضار الحلاق ؛ أقسم المسكين بأنه لم يخبر أحدا وحكى ل

كي أنام

صورة
هدهدني هدوء اللون في لوحـة ماتيس وتمنيت لو يحملها قماش يغطيني ويخلو الرواق من زواره، أنام. منذ وفاة أبي وحزني يحملني، يسبح بي في سماء الشفافيـة حتى باتت روحي تستحيل نسيما وأريجاً. يتلاشى الحاجز بيني وبين الأجسام ، أتنقل على الأرض كزَغَبٍ تحرر. أتمنى أن تتلقفني يد أبي.تحملني، لا أضيـع، لاأخاف، لاأشك. في حضوره يتمخض الغصن ، يولد الزهر سطور حجيج تسبح بلاشفاه ولاكلام تدعو لي كي أنام . يده ، آيـة الرحمان في الرحمـة، تتهادى لحضورها شعب المرجان على غطائي ويتحرك سنونو ماء تابعاً حدسه لوداعة خيالي. يجاريه قنديل بحر يسافر خفيفا، أليفاً بلا لون. نبدأ رحلة الصعود  معًا، متوازيين.  أرتفع للوصول إلى وجه حبيبي، إلى بسمته ، إلى الطمأنينة الشاسعـة في عيونه. تعانق نظرتي نظرته وتنغلق الجفون على السلام كي أنام ، لأستريح. Nassira

كيوبيد

ظل كيوبيد يطاردها بسهامه في المنام دون أن ينال مراده. حين استفاقت وَجَدَتْهُ مسجونا في صورة على غلاف المجلة المرمية عند قدم السرير.ابتسمت و حملت المجلة برفق , وضعتها في الدرج و نظرت إلى الساعة. كل مايفصلها عن إجازتها السنوية أسبوع واحد ، سبعة أيام يتغير بعدها إيقاع الحياة و يعلو لحنها الجميل. إلتهمها الشارع الكبير و هي تعبره قاصدة مقر عملها.لم تنتبه للإعلانات على واجهة المركز الثقافي الزجاجية إلا و هي تعبر نفس الشارع في المساء. لقاءات و ندوات ومسابقة قصصية قرأت تفاصيل الاشتراك فيها وأعادها الإعلان إلى ذكرياتها مع القلم. منذ زمن لم تكتب أي شيء يمت للأدب بصلة، منذ زمن لم تطلق العنان لخيالها كي يصهل حيث يشاء و يعربد كما يشاء ويرقص و يجن بلا قيد أو موعد. كان بينها و بين الكتابة عهد ظنت أنها لن تخونه أبدا لكن الظنون تخون و العهود تفنيها الآجال. على مائدة العشاء طفا الإعلان على صحنها حاولت تجاهله مقنعة نفسها بعبثية الرغبة التي تراودها فباءت محاولاتها بالفشل. ستة أيام فقط تفصلها عن بيت العائلة الدافئ وشرفته المطلة على بستان الليمون. صوت أمها ورائحة النارنج لازالا أحلى السمفونيات الم

امرأة تَحْضُرُ فيَفْتَحُ الصباح ذراعيه لقَلْبــِك

طالعةً من بئر الحزن العميقة أو منتشية في بلاط الفرح سأظل المرأة التي تَحضر فيفتح الصباح ذراعيه لقلبك. الصباح صديقي والربيع حليفي والمُرُّ حين يرتمي في كأسي تغرورق عيناك بالدموع. إنَّها سطوتي، أعلى درجاتِ ضعفي و قُوَّتي، مَسْحَةُ بَرَكَةِ الأنوثَـة وسُمُوِّ الرُّوح. يحلو لي أن أتحدث عني هكذا، كأني أعزف سوناتة ينعكس فيها ضوء قمر بيتهوڤن على بحيرة بجع تشايكوفسكي. أُواسيني، أُمَرِّرُ برِفْقٍ دَعَة نفسي على أَجنحة الأمـل المنطوية ارتباكا. أستقيل قليلاً من جرحي الأخير. أُوقِف توغله الشَّارد ليلاً، نهاراً في ذكرياتي البعيدة وتلك القريبة. ليفتح الصَّباح ذراعيــه لقلبك. أغصان الشجر تَلْبَسُ زهرها، فاتْرُكْه يلبس أجمل نبضه ويضحك. جَنِّحْ أدعيتك بالمحبَّة، أَطْلقِها تَقصد عنان السَّماء لأجلي. أحتاجــها ، أحتاج أن يضيف الربيع لبنود حِلْفِنا فقرة تغازلُ رقتي فينبت الورد يُسَرِّحُ عطره. امرأة تُبَلْسِمُ جُرْحَها ، تَصْقَلُ قطر الدموع كي يغدو حُبَيْبَات ندى، ألا تستحق فقرة شِعْرٍ وأدعية وأكثر ؟ Nassira

لأنهم رائعــون

بعد رحيل الإنسان الطيب احتل الفراغ وجوده الفيزيائي وبدأت كيمياء الحنين تعتمل. كان يمكن أن نقدم له أكثر، لكنه كان دوماً أجمل وقدم أكثر بعذوبة المــاء وسريان النور. رائعاً حين يضحك، كبيرا حين يبارك خطواتنا، هائــلا حين يرافقنا...أبي حتى عندما أبكيه يُكلِّمني كطفلة:'' مابك لا تكبرين؟! '' ويضحك وأنا أبكيــه. يضحك ليطمئنني بأنني ابنة رجل قادر على الموت وشحذ همتي في آنٍ واحد. الآباء الحقيقيون يعرفون طريقهم إلينا حتى وهُمْ في عِدَاد الموتى. لأنهم مسؤولون طيبون وغالباً لأنهم رائعــون. Nassira 5-04-2013

كل المشاكل أصغر من الموت....

كل المشاكل أصغر من الموت. ذاك أن الموت عندما يأتي يلوكها جميعها ويصنع فقاعـة فراغٍ كبيرة تضغط على الأحياء الباقين خلف الموتى. إلى أن تتلاشى الفقاعـة بالتعود و تمرد الاستمرار على الرُّكود، يظل ورثة الفراغ ينهلون من عزيمتهم ويستدرجون أغاني غِوايـة الحياة لعلها تأخذهم إليها. وقد ينجحون في العبور إلى التناسي أو يعجزون. يستسلمون لحُزنٍ سرمدي يجعلهم غرباء عمَّا حولهم. ساكنينَ خريفاً يتقدم فيقتحم حدود الشتاء لكنه العائد أدراجه قبل أن يصل الربيع وأهازيج الصيف. Nassira

رحلة العثور على أبي

محكومة بموت أبي أكتبُ صدقيَ الشُّجاع وصدقيَ الجريح، ونصوصي التي تجرُّ سطورها كأحصنـة قطعت طرق الشتاء الجبليـة الوَعِــــرة دون أن يستقبلها مرج ربيعي فتستريح. إلى ماخلف الانكسار ومابعد أنَّات الرحيل، إلى استدارات خطوط بصمات بقاء الأب في روح الابنة، إلـى العثـور عليــه. ماسينتشلني من حالة التلاشي الآنـية المسافرة العائدة كموجة فيزيائية هو العثور عليه. أنــا أبحث عن أبي بعيداً عن داره ،عن مشاويره اليوميـة، عن وجوه الجيران وكلام الناس والأوراق الرسميـة. أبحث عن أبي العميق، التَّليد المقتفي آثار الصالحين والشجعان و ذوي الهمم كي أصافحـه ثم أستسمحه لوضع نياشين العرفان بالجميل وأوسمـة المحبة والتقدير على صدره. ''أتيتُ،عثرت عليه وانتصرت '' أقولها بفخر القياصرة والأباطرة ويبتعدُ الأُفق شِبرين. أتـوِّجُ لحظتي بابتسامته وانتصاري وأبكي بعد ذلك قدر انطفاء الأحياء. ببساطـة وبمنتهى الصدق لن أضع إعلاناً في الجرائد أو على شاشات التلفزيون لكني أُعْلِنَها بملء الفاه وكامل الإدراك: أُحاول العثور على أبي خِلْسَةً ، مُتَحَاشيةً يقين الناصحين بعدم وجود اللاموجود . طريقتي في البحث تخصني كما يَ

القُبلة الأخيرة

لن أَنْسَ أبداً القُبلة الأخيرة التي وضعتها على خدِّ والدي. كان الخدُّ بارداً، كالجبين، كجسد الإنسان المنطفئ. بدا أبي بعيونه المغمضة ووجه الهادئ نائما بدون أنفاس وكأنَّهُ وفر جهدها لرحلته نحو الأبدية. عرف الغالي كيف يبقى مُطَمْئِناً حتى وهو في كفن ، وكل المنكشف منه وجهه بُناءً على رغبتنا نحن أصحاب القُبَلِ الأخيرة. مُستريحا، سَمْحَ المحيا استلقى ككل الرجال الذين يعيشون أبطالا فيأتيهم الموت فلا يجزعون. كان أبي إلى أقصى الحدود وجِذْرِي العتيد الذي منه طلعت كي أصير نصيرته وعليه انفصلت وبقيتُ نصيرته. بالقرب من الجسد البارد المكسو بالبياض بكيت أحر أدمعي دون أن أنجح في إقناع الحياة بهزيمة الموت أو أبعث الدفء في خلايا النائم المستريح. رأيت وجهه يُغَطَّى من جديد ليدخل فترافقه صلاة العصر ثم يخرج في موكب. وددت لو أطلق صرختي لتهز المدينة وتشرخ السماء:'' أبـــــي، أبي، لا تذهب ياأبي، لم تكن قُبلتي تلك الأخيرة. لازالت عندي أُخريات لك. لازالت عندي أحلام وأُمنيات أتقاسمها معك. هناك سعادةٌ كبيرةٌ أريد أن أُهديك إياها كل سعادتي لو تشاء، لو تُرضيك، لو تَقْبَل. أنا كريمـــة جدّاً ياأبي وكل كرمي

رسالة إلى أختي الحبيبة وإخوتي الأحباء

 نحن الإخوة أنهارٌ من خير وإحسان نبعت من كرم والدي وحنان أمي. مُختلفون لأن والدينا لم يضغطا أنا أي واحد منا ، منفصلون عموما في ميولنا وشخصياتنا وأذواقنا و متقاطعون مثنى مثنى أو أكثر في بعض سلوكياتنا وهوايتنا. تتوازى مساراتنا و حين لا تتلاقى لانأبـه ولا يجب أن نأبـه لأننا المؤمنون بصحة الاختلاف وجماليـة التنوع وغِناه. إنَّنا الباعثون على الأمل، الواصلون الأمس باليوم والغد. نحن الامتداد السارح متينا كجسر مديد لا تقهره الكوارث وغيرُ ذلك تفاصيل وشوائب ليس لها أن تغير في الأمر كثيراً. تعلمت من والدي أن أقرأ محاسن كل واحد فيكم وأُثَمِّنَها، وتعلمت من والدتي أن أحترم تفرد وخصوصية كل واحد منكم وأيقنت أن ذاكرتنا الجماعيـة أرشيفنا الذي يجب أن نعود إليه كلما تَوَّهَتْنَا الدروب. ليست الحكمة حكراً على من يكبروننا سنا ولا على الرجال دون النساء ولسنا محتاجين لإملاءات من أوصياء. هو سِجِلُّ المحبة الصادقـة والوفاء لأيام الطفولة وأحاديث الصباح والمساء على مائدة كانت تجمعنا، إن أبقيناه مفتوحـا سنهزم الجفاء متى أطَـلّْ ونقمع المسافـة إن راودتها رغبة التمطط. إِنْ قُلْتُ أنَّ حُبِّي لكم هو الأكب

سيدة الرَّبيع

إن لم أكن سيدة الربيع والأمل فماذا سيحصل؟ ستنحني سيقان الزهر ويرحل المطر تحضر مكانه ندف قطنية مبعثرة تتوه قبل أن يشربها الهواء ويكتئب الفصل الوديع يتسلل للتقويم ويسكن بجانب أقحوانة. ماذا أصيرُ إن استقلتُ من تشكيل البسمات وصقل الشجاعة؟ إن ارتمت كلمات المواساة في سلالي ولم أبدلها بتُوَيْجَات السعادة المنشودة؟ مخلوقاً جديداً ربما عابراً كغيره، صامتاً كصورة في إطار أو متحركاً كورقة تدفعها الريح حيث تشاء... لا لن أتنازل عن مشيئتي، عن المشي أماماً، عن مسح دموع غيري قبل دموعي عن سيرة الحنان والرقة والإنسانية. مـرحباً بآذار الذي دوَّن في سجل أسبوعه الأول تاريخ وفاة والدي الحبيب ومرحبا بالغد والسلام والتصافي معه . مرحبا بالربيع الذي طوى شتاءً انسدلت عليه ستارة سوداء هذا العام وغادر وأنا أودع أعز الناس في كفن. كل الترحيب أيضا بكلمات تسقط على صفحتي ولا تخذلني تتمنى أن أرسم بها بنفسجة أو نرجسة وأختار أن أُخرج من ثناياها حمامـة بيضاء وسماءً صافيـة زرقاء ودُعاءً يرتفع ليرافق رفرفة الجناح. سأظل سيدة الربيع ياآذار، فاطْلِق العنان لتغريد الطيور ونبهني صباحاً بوخز شعاع إن غفلت حواسي عن إدراك ماطلع من ج

أكبر من كل الكلمات روعتك ياأبتي!

أكبر من كل الكلمات أن يُشرِّع الإنسان قلبه لإنسانٍ آخر بِثِقَةٍ فيَلِجَه هذا الأخير كالنور مُنْتشراً بدفءٍ وضياء. الواهبون المحبـة والأمـل الممتلئة أرواحهم بالطمأنينـة  يُحَرِّكُون النَّبض بما تأنسُ له النَّفس وتستريـح ، من  يَضِق بهم والرحابة في سلوكهم فينازعـهم يكن الجزع وقفـص المخاوف ساجنه. ليسوا مُنَزَّهين ولا قديسين لكنهم المائزون بمواقفهم واختياراتهم التي وإن أتعبتهم أراحتهم. تختوخ مصطفى كان واحداً من هؤلاء. سكب الله في قلبه مودة الناس والرحمـة فأغفلت عيناه رؤيـة الفوارق الشكليـة وتجاوزتها إلى أصل الإنسان الطيني الذي يمسح معايير التفاضل الظاهرية. كَرِهَ والدي التكبر بكل أشكالـه وأنكر التَّقدير المُبَالغ للمناصب ومقت التذلل والتملق. لم يتلعثم في حضور من حملوا شهادات علمية أكبر من شهاداته أو من تفاخروا بإنجازاتهم الماديـة فهو حسب قناعاته صال وجال ورأى وتعلم وخَبِر الناس من كل الفئات والأجناس فلم يَعُدْ الإنسان يُرْهِبُه أو يُربكه وإن كان بعضٌ ممن ستنال منهم العدالة الإلهية آذوه كثيراً في أيام احتاج فيها لراحة الجسد والخاطر. أذكر على سبيل المثال جاراً دأب على محاربة أبي في مصادر رز

لستني

داهم الموت دورة الحياة وكنت أنتظر الربيع وغزوة النرجس الأولى.غادر بعد أن أودعني دوامة الغياب. أوقفني على هامش الأماني بلا خجل. لستني حين تشرق الشمس ولاتدغدغ فيَّ أدنى إحساس بالوجود ، لستني حين أمشي وترافقني المناظر كلوحات زائفة ، لست سيدة الأمـل وهو يسقط كتفاحة بين يدي ولا أكلف نفسي حتى عناء التساؤل عمَّا يمكنني أن أفعله به. يبتلعني بحر الإرهاق، أنام لأصحو وأتعب سويعات بعد صحوي. ''كُلُّ هذا من أثر خيانة الحياة لي '' أقولها في نفسي كي لا أردد أن أبي غادر الدنيا وما فيـها، أن بطلاً من سلسلة يومياتنا العائلية قد انطفأت شمعته ليبدأ رحلـة الابتعـاد الواقية من اللمسات والنظرات. أصبح المستقبل مقبلاً بفجره وظُهره وأفول شموسه دون صلوات ودعوات أبي وعليه أن يتعود على فراغ غرفته من خشوعها.علَيَّ قبله أن أُقنع نفسي أنه حدث أن باغتتنا سطوة الموت قبيل الربيع وفي غمرة نضال صفرة النرجس للتحرر من قبضة التراب والغشاء الأخضر. بين الزمنين وبعدهما ستسمع الكائنات والسماوات همستي اليومية ''إلى جنات الخلد ياأبتي و رحمة الله الواسعــة'' ولتتعود عليها كطقس ج

أنا ابنة رجل صالح

صورة
لتتدفق الحروف كما تهوى للحديث عن أبي. فبسيرته تطرب الكلمات وتنتشي الطيبة ويتحول ثقل الحسنات إلى فخر مابعده فخر وإلى نور ينتصر لدعاء الفجر. أبي المصطفى كما تناديه جدتي ومصطفى كما يناديه من يتعاملون معه من جيران وأحباب وأصحاب، رجل من فئة النادرين والعابرين ممن لا تنقطع ذكراهم بغيابهم فاسمه وعطاءه وعمله ونصائحه لاتتآكل مع الزمن ولايطويها النسيان. رجل أحب الله ورسوله واختار طريق الفضيلة والخير فلم يسكن حب المال قلبه ولا غرته السبل الملتوية أو دروب الزائغين. اختار التعبد والزهد منذ سنوات عدة، فصام مايزيد عن ست عشرة سنة كان يفطر فيها  في أيام قلائل معدودات من بينها أيام العيد والأيام التي يزور فيها والديه. قام الليل ولم تفته الصلوات ولا الذكر ولا قراءة كتاب الله الذي ختمه مراراً ومراراً. لم يعمر والدي تختوخ مصطفى طويلا فقد توفي صبيحة يوم الأربعاء 6 مارس 2013عن عمر يناهز الأربع وستين عاماً لكنه اختزل السنوات وركزها وكثف فيها صلته بخالقه حتى بدا والناس يحكون عن أفضاله وكأنه أقام بينهم دهراً. وفَجَّر في نفوسهم مشاعر اللوعة والحسرة وكأنَّه كنز  إنساني ليس عليه أن يُفقد أو يغيب. قال أصغر إخوت

رسالة أملاها الصباح

عادة أبدأ رسائلي بعبارات حلوة كسطور أنشودة، لكني معك أحتار حتى في البدايات وهذا طبعا من بشائر وإرهاصات تجلياتك. سيدي الكريم والجليل الذي يسعده أن أخرس. إقبل اعتذاري الشديد والسميك والمتين، مضطرة للحديث والحديث عنك تحديداً فعيناك تستحق الانفتاح على حقيقتي الغريبة التي تعجز عن رؤيتها ولمسها والاحتفاء بها كغيرك. حاولت آلاف المرات استيعاب حجم فشل نور الصباح في إعادة برمجتك ومثل صديقي النور فشلت . عرضت على وقتي أن يعلمني طرقا جديدة لتمرير البساطة و مسح الأحكام الخاطئة فرفض، إعتبر الأمر تضحية دون نهاية سعيدة أكيدة. أتساءل بهذه المناسبة إن حدث يوماً أن فكرت في ماهية السعادة وإن قفزت متحمسا في بسمة امرأة أو طفل وسبحت في الرِّقـــة لتخرج عَطِراً، نضراً ويُمطرك الكلام الجميل الناعم. أظنك لم تفعل، فأولوياتك بعيدة عن همس الزنابق وأجنحة أحلام اليقظة .لا يغري حضرتك التحول مثلي لفراشة أو لون فاتح، ولاتستهويك أسرار الأفنان ولغة الأشياء الصامتة. خلصتُ لحقيقة اختلافنا البديهية وسلَّمت بها . ماتبقى الآن بضع عوالق أحاول التصرف فيها بالشكل الأنسب وكعادتي فيما يتعلق بك أفشل. الفشل حليفي معك، استراتيجي

مـــــلاكــي الحارس

عندما أبـكي من الداخل فإن نجمتي تنطفئ، تخجل من حضورها وملاكي يسألني إن كنت أبغي جناحيه فأرفض.لا آخذ أبداً ما ليس لي . تقول أسطورتي أن كل القلوب التي أحبتني لم تُتْقِن حبها فلم أُجَرِّمها ولم أَدِن لها بالولاء. قَدَّمْتُ السِّلم وآثرت التسامح ، التنازل لا النِّزال، حالـة الزهد عندي أزليـة وقد يكون هذا سِرَّ كرم ملاكي الرفيق معي. أفشى لي خليله سره، قال أنه اجتمع بأصدقائه حدثهم عني وأن أحدهم مزَّق ريشه حتى كاد نور قلبه يعمي الجالسين.ازدادت سعـة قلبي حينها أضعافاً واعتلى الحب عرش الأحاسيس سلطاناً. ليس كثيراً ماأهبه لغيري وليس ذنبي أن يكون الحب عندي عملاقا يحمل ملايين القلوب الصغيرة على راحة يده ولا يتعب. لكني أتعب من مصيري الغريب ومن ملاكي الذي يسكب العسل والشموس والبسمات و الطيبة في عيوني. تمنيته لو يتفانى أقل، لو يسألني إجازةً ويتركني أكره ذرتين أو أحقد مثقال حبة لكنه لايفعل. ربما عليَّ أن أَقْبَل جناحيه وأطير إلى نجمتي أستعجلها كي يُشعل حظي شمعته احتفاءً. حتى هذا الافتراض ألوم نفسي عليه فأنا لاآخذ ماليس لي ، ملاكـي أوفى من نجمتي وأكثر شجاعـة. حين أنام له أن يختار النوم في عيوني أو

بوح عن پوكيموني

تحمل الحلقة التي تجمع مفاتيحي سلسلة تنتهي بپوكيمون صغير. أجهل اسمه الأصلي وخصائصه الجينية وميزاته الپوكيمونية لكن من شكله أعرف أنه من فصيلة عصافير الپوكيمون. منقاره وساقاه برتقاليون وأكثر مطاطية من باقي أنحاء جسمه. تسريحة ريش رأسه تنتهي بالتواءة تشبه اعوجاج صنارة . منذ أيام انتبهت أنه فقد أحد ساقيه فشعرت بأسف وحسرة. فضمن لائحة ما تزعجني رؤيته دبدوب فقد عينه أو دمية بُتر ذراعها .. عندما أُغلق خزانة حجرة الدرس يتأرجح بوكيموني بسلسلته بالقرب من بابها وأنتبه للنقص الذي أصابـه. من الممكن التخلي عنه وتبديله بكائن صغير ناعم ذي أنف قطني مستدير أضغط عليه و هو في جيبي مثلا، أو بآخر ذي آذان متدلية أخبئ بها عيونه من حين لآخر أو أحمل مفاتيحي بها دون أن ألمس المعدن. لكني أخرجه من جيبي، أنظر إليه وأجد أن نظرته اللطيفة لم يتغير فيها شيء . فقد منقاره بعض لونه لكن لاذنب له في هذا،أصابعي هي من تحط على منقاره الجميل كل مرة ،تداعبه خلسة، تلاعب الحدة المسالمة التي لاتخدش و لاتجرح. ربما يبدو أن موعد إيداعه سلة المهملات قد حان. لكن بعين الوفاء التي تلتقط أبعاداً أكثر من أبعاد العين لازال ك

من رسائلي إلى أمي

سيدة الحب الأولى أتساءل أي امتحان صعب وأي حرب خاضتها الخلايا كي تتجمع إنسانة بمثل روعتك وقوتك. أحبك، أحبك جدا وعندما أتذكر حجم الحب بداخلك أشعر بضآلة حبي فأزيدها جدا وجدا ..وتظل لاتكفي. ماما ماميتا ينتهي الحديث ولاتكفيني المكالمات لانتشال كل الحزن بداخلك. أنظر إلى أصابعي وأتمنى لو كانت تستطيع التسلل لتقتلع الأسى كالأعشاب الضارة وتنبت الفرح. فرحا ينمو ويزهر ويطلق العنان لعطره وثمره... ماما أحب الحياة  لدرجة قد تجعلني متهمة بالوجوديـة لكني حين أتذكر القسوة في حياتك أتقوقع، يحيطني غشاء من نفور وشجن. أحـس بسلبية أكرهها وأتعرف على هذا الذي يسمونه حقدا ولو بضع وقت. ماما أنا أنقم على كل من قال لك كلمة جارحة ولاأسامـحه وأعد نفسي بأن أقرأه درسا من دروس معاملـة سيدة حبي.  في عيونك أنا دوما تلك الشجاعة التي لاتنكسر وتلك التي  تسعفها الكلمات. فتقول كلاما راجحا يأتي في موعده، وسأظل تلك التي تنتشي بأنك من أتت بها إلى العالم وبأنك في حمايتها. وعلى مسؤوليتي أن أجعـل كل من يقترب منك بأذى صغير ولو غير مقصود  يعود أدراجه. مملكتك تحت حراستي ياسيدة حبي. لاتحزني ماما، لا تبكي حين أنام لأن دموعك تتسلل لحلمي

رجــــل الثلــج

صورة
رجل الثلج في حديقة الجيران بعيد عن الكمال. أنفه جزرة وعيناه زرا قميص، على عنقه شال عتيق أحاول تذكر زمن رؤيته السابق وعلى أي جِيدٍ كان ولاأنجح. أتَصَنَّعُ ابتسامتي لعلها تصطاد شبيهة تطلع من القلب ويخرج من الذاكرة نصف رجل ثلج آخر. ذاك الذي أبدعه عمي صدرا ورأساً وذراعا مثنيا وأضحى فخوراً كجندي يؤمن بواجبه. ثبت على الجدار القصير، وبقي ثلاثة أيام يلقي تحية عسكرية على المارة. عاش عمراً طويلا نسبيا واعتقدت بخيالي الطفولي أن لدعواتي فضلا في ذلك. كتجسيد لجندي استوقف صبية كثر يحلمون بالشجاعة والنبل والرجولـة وكسعي لتكريمه وضع أحد العابرين دبوسا لامعا، هُيِّئ لي أنه نسر ذهبي، على صدره. إستحق التكريم كما يستحق جنود الوطن أوسمة الشرف لأنهم الأبناء المستعدون لدفع أرواحهم ثمنا لحماية حدود البلد وكرامته. رُدَّت تحيته العسكرية مراراً بتلقائية باعثة على الفرح والنشوة وكدت أدون عددها وأكتب أسماء مَنْ أعرف ممن تماهوا مع الحركة الرَّسمية، الرَّفيعـة. انفصلت هـيبة الجندي عن حب الوطن الذي لايبرح القلب و امتزجا بشكل عجيب ليجعلا من نصف الرجل مدعاة للحديث والتفاعل وحتى تبادل الشجون. بقعـة أرض غاليـة، أناس توح