نحو ابتسامــــة

إشتهيت ابتسامة كتِلْكَ الصغيرة المخبأة بحرص في طرف قوس قزح تحت حراسة طاوس أبيض.
انتظرتها لعلها تُفلت حين يتبختر الطير وتنعكس ألوان الطيف على ريشه لكنها ظلت حبيسةً وأطلَّت الوجوه غائمة أشعرتني بنُدرة الحظ في يوم لم يهادن أمسه المطر.
مرَّ الخولي قلقاً متوجسا على سرب الحمام وعطاء زهور الشمس إن بقي الموسم على ماهو عليه ، أسقط ساعي البريد نصف ما...حملته حقيبته في الوحل في لحظة عدم اتزان و ظل لوح شباك شرفة السيدة عواطف يتأرجح مع الريح كما كان منذ يومين...كِدت في شرودي أطأ ضفدعا لزجاً قفز في آخر لحظة وكأنه تردد طويلا قبل اتخاذ قراره. شدني تباطؤه، تبعته قليلا ثم تابعت المشوار إلى طريق القصب.
يقال أن أَحدهم ذات زمان أقام خيمـة هناك، قبل أن يُشَقَّ الطريق ويُوزع القصب على الحافتين، وأنه صنع من القصبات عشرات النايات كلما عزف عليها ليلاً توقف نقيق الضفادع ودخل الناس أحلامهم هادئين.
لم يعد للخيمـة أثر ، مرَّرت أصابعي على بعض السيقان الأسطوانية النحيلة. كان يتحسسها قبل أن يصنع ثقوبه ويَمْزِج بعد ذلك الهواء بالشجون ليخرج منها مُنعتقا منطلقا نحو الفضاء الرَّحب.
كم كان في وقته من وقت وكم أخذ من وحداته ليطهر روحه من ثفلها ويغادر صافيا كوجه الماء؟
حاولت أن أدرك ما لاأعرف حين بدأ القصب بالتمايل والالتفاف حولي، استدرت مرة ،مرتين ، ثلاثا وتجاهلت بعد الأربع الأعداد القادمة، امتلأ ماحولي عزفا. كل القصب كان يطلق ألحاناً، كل الطيور كانت تمر باسطة أجنحتها، أديم الأرض تنهد السلام والمحبـة ، تعانقا، طائرين ارتفعا إلى السماء. رفعت يديّ لعلهما يحملاني إلى حلم داخل حلم ينتعش فيه الفرح،وسبقتهما أغمضت عينيّ.
انفتح كوني على أكوان من ضياء وألوان خرج منها طاووس أبيض يرقبني وديعاً باسطا ريشه الخلفي ملكيا. تصاعدت نشوة لقاء روعته بداخلي، لم أجرؤ على الاقتراب منه تمنيت أن أفعل لكنه بادر بالتنحي لتنكشف ابتسامــة بحجم الطائر الطَّنان. دنوت للإمساك بها فباغتتني بالتحليق إلي، إلى شفتيّ، إلى قلبي، إلى محبتي والسلام.
Nassira