شذا زهرة الفاوانيا

شذا زهرة الفاوانيا. قصة قصيرة بقلم: نصيرة تختوخ
قلت له :' الموت في طبيعة الحياة والحب يذبل كالأوراق، يسقطها الخريف و تفنى وكأنها لم تبسط ظلها يوما و لم تمتص الضياء ' .
سكت هنيهة ورد: 'حدث وأن أقمت في مدينة هادئة، حسبت أن لن أعتاد عليها أبدا.
كانت الريح حين تهب عليها ليلا وتطلق العنان لغمغماتها توقظني وتشعل بداخلي الرغبة في توسلها كي تحملني معها و تلقيني بعيدا.
أيامي تشابهت حد تجاهل أسمائها وتواريخها إلى أن لمحت تلك الأصابع الرفيعة من خلف الزجاج.
أصابع تتحرك كفراشات الليل المضيئة، تلف الانتباه حولها وتسقط الزمان و المكان.
دخلت المحل لتكتمل الصورة عندي ووجدتني ألقى 'فينوس المدينة الهادئة ' امرأة تغري بنحتها تمثالا لا تمله الأعين.
ارتبكت و أنا أسمعها تخاطبني ،هرب تركيزي مني حطَّ على شفتيها الناعمتين كزهرة الفاوانيا لم أدرك ما قالت لكنني تحدثت، قلت أنني أود أن أشتري هدية لصديق.
كان على طاولتها طبق فضي توسطته تفاحة واحدة ،بجوارها استلقى شريط من ثوب أخضر وورق مقوى .
أدركت وهي تقترح علي الهدايا أنها من صنع يديها و أن تفاحة الخريف على الطاولة مازالت تنتظر مولد أخوات لها.
اشتريت من 'فينوس المدينة الهادئة 'مصباحا يلبس مظلة شفافة ويقف على ساق بنية كقشر الكستناء. أصبحت أطلب نوره ليلا فتأتيني هي، تتشخص أمامي باسمة بشفاه الفاوانيا أو محدقة بغموض كأميرة خرجت من عالم الحكايات و الجنيات إلى عالمي.
غيرت مقر سكناي و رحلت أنا و المصباح إلى بيت يطل على متجرها.
كنت أختلس النظر حين يمكنني ذلك وأشهد حركتها ومشيتها وبسماتها القصيرة العمر.'
سكت لحظة لم أشأه أن يسكت وماطقت صبرا فسألته :'هل صارحتها؟ أم أنَّكَ؟ ' لم أكمل و صمتت بدوري غادرتني بقية السؤال وكان في طريقة كلامي دلالة على مايحيرني.
رد مؤكدا لا نافيا : 'فعلت، قلت لها كل شيء، سكبت لها حبي كحكاية إغريقية أحملها بين الضلوع وكان ماقالته :'الموت في طبيعة الحياة و الحب يذبل ويفنى '.
أحسست بحمرة تكسو وجهي وعيوني تحاصرها عيونه، ضممت يداي إلى بعضهما وزاد هو اللحظة تطويقا مقتربا مني ومتكئا بمرفقيه على الطاولة المستديرة الصغيرة، قائلا :' لاتلبسي معطف البتلات حين أحبك فشذاك قد ملك الحواس '.

 Nassira