قالت الوردة الحمراء



 
دعاني للعشاء ولم أرفض هذه المرة.
القدر الذي جمعنا مجددا وظروف العمل التي قربتنا أكثر فأكثر جعلت قبولي للدعوة عفويا و طبيعيا جدا.
كانت فترة مشاركته لي لمكتبي توشك على الانقضاء و مهمته في الشركة التي أعمل بها ككل مرهونة بمشروع محدود الأجل وغير قابل للتمديد.
روحه المرحة و طريقة مزاحه وذكائه المتقد كانوا يجعلون منه زميلا خفيف الظل، ينسجم مع الجميع بيسر و معي بأريحية بالغة.
تقاسمنا لذات المكان جعلناحريصين على أن نكون صرحاء في الإعراب عما يزعجنا أو يبدد تركيزنا وأظن أن كلينا لم ينتبه لمستوى الشفافية الذي وصل إليه تعاملنا مع بعضنا.
كان يتقبل ببساطة أن أطلب منه بأن يقضم تفاحته خارج غرفة المكتب وكنت أنصرف تلقائيا حين تحادثه إحدى صديقاته.
من حين لآخر كان يحكي لي عن مواعيده الغرامية وإجازة نهاية الأسبوع التي لم يرتح فيها بسبب ممارساته 'الدون جوانية ' و كان يثير ضحكي خاصة بعد أن يسترسل في الحديث كالأطفال و لا يشعر بالإحراج وهو يروي تصرفات لا تمت لرصانته و حكمته بصلة وكنت أبوح له أيضا ببعض حساسياتي و جنوني و تعود أن يسمعني و ينصحني وأن يضحك كما أضحك وأحيانا أكثر.
تعمدت التأخر قليلا عن الموعد و تمنيت أن يسبقني إلى المطعم.
الانتظار كان و لايزال أمرا مقيتا بالنسبة لي خاصة في الأماكن المغلقة.
كان هناك جالسا وماإن اقتربت من طاولته حتى انفجرت ضاحكة.
هز رأسه كمن يسأل مابي وجلست قبل أن أجيبه.
قلت له : 'لا شك أنك تظن أنك غاية في الوسامة هذا اليوم '
وضحك بجنون ، قال أنه لم يتوقع ملاحظة كهذه و استمر في الضحك ولم يسألني إن كنت أراه وسيما أم لا لكنه قال أنه سعيد بحضوري في غاية الوسامة.
تحدثنا في أمور كثيرة كعادتنا لم يسلم منها حتى ديكور المطعم و اللوحات المعلقة على جداره وبعد خروجنا
انسجم حديثنا مع وقع خطانا المتتابعة.
من الساحة المقابلة لمرآب السيارات نادانا صوت ألحان شجية ودون أن نتشاور وجدنا أنفسنا وسط جمع من محبي الليل و الجاز.
 لحن أغنية ' حب ' لنات كينغ كول آخر ماسمعناه وصفقنا له بحرارة.
شكرني و افترقنا.
ظل انتشاء شهي يرافق ليلتي كعطر يلتصق باليدين ويرسم عليهما زهرا وثمرا رطبا.
مع بداية الأسبوع علمت أن كل ماتبقى له بيننا عشرة أيام فالمشروع الذي كان يشرف عليه يكاد يكتمل.
أعترف أنني فكرت في أن أشتري له هدية وأن حيرتي في نوعيتها و قيمتها صرفت الفكرة.
استمرت زمالتنا ويومياتنا عادية ومتناغمة إلى أن فاجأني بوردة حمراء وبطاقة.
قال : لاأعرف من أرسل لي هاتين .
استغربت وأنا أقرأ البطاقة .عبارة غريبة مكتوب بخط رفيع ' قالت الوردة الحمراء : " الحب يأتي من حيث لاندري ويبدأ ساعة لانتوقع '.
وجدت الأمر محيرا و كانت تقاسيم وجهي و لاشك تُقْرِئُهُ هذا.
حدق في وجهي لفترة وأضاف : ' للحظة وفي حيرتي تساءلت أتكونين أنت من فعلت؟ '.
ابتسمت و قلت :'لا' كمن تبعد التهمة عنها ،كامرأة بين الحرج و الخجل.
واصل تحديقه وبصوت أكثر انخفاضا همس : حبيبتي.
Nassira