ورد، ورد، ورد

ورد، ورد، ورد ـــ قصة بقلم: نصيرة تختوخ
قطرات شِعْرٍ تزف المساء.
 رفرفة طنان في القلب يقتحم زنبقة .
 خفق جديد.
 دم تغرد فيه البلابل من الوريد إلى الوريد.
ورد، ورد، ورد .
 ورد أحمر كالشغف
 ورد أبيض كأجنحة الملاك
 ورد بعطر بساتين القصور
 مضى زمن يعادل ألف عام، مليون عام .
 كانت رقصة القلب الأخيرة آخر الذكريات الباقية، كانت رعشاته بعد الوداع آخر ترانيم المشاعر.
 من أين جاء؟ وكيف عاد؟
 باقة الورد تغني ، تقول مالا يقوله العازفون و تقترب العيون.
 تعود معرفتها به  لأيام الجامعة كأغلب الطالبات آنذاك أعجبت بقصائده. شعر ساحر وساحر يتقن فنه، يمشي واثقا من نفسه وسيما كنجوم السينما المتعودين على الأضواء.
حين قربتهما الظروف في إحدى الأمسيات خشيت أن تتعثر حين تحادثه وتجنبته.
 كانت مقتنعة أنها امرأة عادية لا تلفت الانتباه ولا تلتصق في ذاكرة فنان أو شاعر .
 أجرت معه أول لقاء بعد تخرجها، كصحفية مبتدئة وأحجمت عن الاقتراب أكثر مما يمليه عليها الواجب المهني .
 بعد صدور ديوانه الرابع لم يكن يذكر شكلها لكنه كان يعرف اسمها من مواضيعها في الجريدة .
 أصبحت الحواجز بينهما قصيرة و الأسئلة كثيرة .أكثر كل مرة ، أكثر ثم أكثر من جانبه وانفتحت أبواب الحديث على مصراعيها لحد القهقهات والمكالمات المستمرة.
 لم تنتبه وهي تقع في حبه، لم تنتبه أنها تحبه فعلا ، انتبهت متأخرة حين بدأت تقلق ،حين صار رد العلبة الصوتية يستفزها وهو خارج الوطن.
 يجعل سفره المستمر روحها تجف.
 غيابه كل مرة غدا شتاءً مظلما يكسو حواسها بالجليد .
اتخذت القرار، كبائعة جوالة عادت إلى عالمها وحيدة فارغة اليدين،نأت بنفسها عن حلم أدركت أنه بعيد المنال.
 كلما نظرت للمرآة آمنت أنها امرأة عادية جدا، وجه لا يعشش طويلا في غرف الذاكرة ورغبت في البكاء.
 غيرت رقم هاتفها و كانت تخاله يحاول يائسا مكالمتها من إحدى العواصم البعيدة وتقنع نفسها بعد ذلك بأنها ساذجة كطفلة.
 ورد، ورد، ورد.
ورد يدخل به الساعي إلى مكتبها و عليه بطاقة تحمل اسما يغير إيقاع دقات القلب.
 ورد على مائدة عشائهما يرافق ضوء الشموع وتلألؤ دموع خنقتها طويلا.
 ورد في قبضة يدها وفي جيب بذلته العلوي.
 تولد أول قصيدة من ديوانه الجديد مرتلة على صدرها ويسميها آفروديت ، يقول أنها شبيهتها ، أنها على اسمها ،أنها قلبت التاريخ فتزوجت بعد عمر من الأساطير مجنونا .
 تضحك ويتبع ضحكتها خوف و صمت.
 تُقْبِلُ دندنته فتُدَثِّر صَمْتَها و يشجعها لتَفْتح شباك الهذيان قليلا، قليلا حتى تتسلقه أغصان الورد.
 Nassira