المشاركات

عرض المشاركات من 2014

حديديّون للنحات عاصم الباشا

صورة
الحديدي: المنتظر ينتظر وينتظر وحتى وإن أتى ماسيأتي لن يتغير شيء، سيظل على وضعه، جالسا مسنودا بيديه إلى الخلف متنازلا عن ملامحه بزواية وجهه. يتلو انطباعه صامتا لمن يحاول الاجتهاد ليقرأ . رأسه المتقدم على رقبته، المائل قليلا مثيرٌ لحزن قد يحمله الرائي وينتهز فرصته للطلوع . فيمَ يفكر؟ الحقيقة تقول أن الفضول يجب أن يُكبح لصالح التعلّم من التّأمل. إنّه آخذٌ وقته ومن وقتنا معه نرى البطء المؤلم في الإنتظار والدأب على الأمل. سيحدث شيء ما ، سيحدث لأن الحركة في عناصر أخرى مستقلة عنّا تؤدي إلى حالات جديدة . الحديدي المثير للفرح :    إنّه حديدي يركض متحررا من الوجه ، مستفيدا من هيأته وشكل ساقيه. رافعا ذراعيه إلى السماء، طاويا يديه المثلثتين إلى الخلف يوقظ الإحساس بالطفولة الكبيرة، بالدعابة التي تغيب عن الراشدين وقد اجتاحتهم الأعراف وقلّمت نظرات الآخرين وأحكامهم التهور فيهم . مثيرٌ للحبّ كما أنجزه النحات عاصم الباشا ونجح في تجسيد اندفاعه وتوازنه واقفا رغم مايوحي به من حركة. ينتزع منّا نظرة الودّ ليصرفها لنا شعورًا طيّبًا بالفرح ونفض ثقل العبء اليومي لصالح انطلاقة بحبّ نحو لحظة سعيدة .

'' تقول لي ــــ لم يبق أحدٌ في البيت --Cesar Vallejo--ترجمتي

'' لم يعد أحد يعيش في البيت، ــــتقول لي ـــ لقد غادروا جميعا. الصالون، غرفة النوم، الباحة، بقيت مهجورة. لاأحد بقي لأنّ الكلّ غادروا.  وأقول لك: إذا غادر أحد، يبقى أحد . النقطة التي ذهب منها الإنسان لاتبقى بعد ذلك وحيدة . فقط في وِحدة الإنسان توجد تلك المنطقة التي لايمرّ بها أيّ إنسان. البيوت الجديدة أكثر موتا من القديمة لأن جدرانها من الحجر والصلب وليست من الناس.لايولد البيت بعد أن يتم بناءه لكن بعدما يُشرع في السّكن فيه. البيت يحيا بالنّاس فقط، مثل القبر. ومن ثمّ التّشابه الشّديد بين البيت والقبر، لكنّ البيت يتغّذى بحياة الإنسان والقبر بموته. لذلك يقف الأول ويستلقي الثاني. كلّهم غادروا البيت،في الحقيقة، وكلّهم بقوا. وليست ذكراهم هي الباقية بل هم أنفسهم. وليس أنَّهم يمكثون في البيت لكن أنّهم يستمرون خلاله . الأدوار والممارسات تغادر بالقطار أو الطائرة أو على الحصان أو مشيا أو حبوًا. مايبقى في البيت هو العضو، الكائن المتصرف في اسم المصدر أو الشكل الدائريّ. الخطى غادرت والقُبل والمسامحة والإساء ات.مايستمر هو الرِّجل والشّفة والعين والقلب. التنكرات والتأكيدات، الخير والشر توز

حيث كان فينسنت فان خوخ

صورة
  في هذه الرحلة القصيرة ألغيت بعض المشاوير التي كنت برمجتها، بشكل ما أخذتني الطبيعة وجَنَّبَتْنِي المدن، ومع الابتعاد عنها غابت المتاحف الفنية. نجحت رغم ذلك بضمير الأوفياء في تحصيل مساء قريب من أثر فان خوخ. إلى نيو أمستردام التي قصدها الأمسترداميون ،لجني الربح من بيع الخث الذي يوجد بوفرة في المنطقة، وإليها هي التي قصدها فينسنت فان خوخ، عملا بنصيحة صديقه أنطون فان رابارد باحثا عن مكان إقامة  ذهبت، إلى البيت الذي مكث فيه مدة شهرين عام 1883 وقضاها متناغمة وإيجابية . في مقهى البيت الطاولة التي كان يكتب عليها كلامه الطيب عن المنطقة وبعض المناظر التي أراحت خاطره فيقول كلاما مثل:'' إن كلَّ شيء مكتملٌ هنا وكلُّ ماأجده جميلا، بمعنى آخر هنا السلام '' .     ما يعكس رضاه ولاينفي نظرات الآخرين إليه التي لم تختلف عن مثيلاتها في مناطق أخرى مرّ بها .حذر واستغراب ونفور لم يُيَسِّروا أموره كالعادة. ومنها أن ماسهل استئجاره لغرفته كان قوله بأن والده رجل دين وأن البداية كانت ريبة بشأنه ستؤدي إلى رفضه كنزيل. وفي الغرفة الصغيرة في الطابق العلوي سريره الخشبي وغطا ؤ ه المليء بالقش وكرسيه و

نظرة على حرب وتربنتين لستيفان هيرتمانس --نصيرة تختوخ--

نظرة على حرب وتربنتين لستيفان هيرتمانس --نصيرة تختوخ-- '''' الذي رأيناه أمامنا ذاك الصباح في الشفق وخارت لهول منظره قوى الجميع : حشد من الكلاب والأرانب والقطط وأبناء عرس وفئران الخيل والجرذان بأنوفها بالكاد فوق سطح الماء تسبح كجيش من غير عالمنا. بأنوفها الحساسة صارت مثلثات غير معدودة تتقدم في مساحة الماء الناعمة السوداء. فتحت قنوات جر المياه في نيو بورت وحتى ستاوفنس كيرك ،بيرفايز، تيرفات وسخورباك فإن المياه علت الأرض. لقد أدركنا ببطء أن تقدم العدو سيتوقف لهذا السبب. بقلوب تخفق بقوة وقفنا نشاهد المنظر. كان ممنوعا منعا صارما إطلاق النار على الحيوانات لأن ذلك سيفضح موقعنا. هكذا رأيناها، الرسل الدقيقة الأنوف لعالم ملعون هاربة من أرمجدون غير مفهومة، تصل إلى اليابسة تنفض فروها ودون حساب أي حساب تركض على طول خنادقنا، عمياء في هروبها كاللاموس. لاأحد حاول الإمساك بالحيوانات، لاأحد أراد أن يقتل واحدا منها ليأكله، رغم جوعنا الشديد. كملائكة متنكرة من يوم القيامة غابت الكائنات الشبحية المثابرة عن الأبصار قافزة على الوحل الأسود اللامع في نور الصباح الرمادي''. من الصفحتين 2

في العيد

هناك أشخاص لديهم الموهبة الكافية للعيد, حفظوا دليله ، بالتسبيقات، بالمستحب، بتسلسل السّلوك اللائق, بتركيبة تحية الجار، بالصيغة المثلى لجني الحسنات ..وهناك من يتذكرون مثلي ويصمتون, لايدخلون في مونولوغ داخلي، فقط يرون..أبي في بداية العام الدّراسي..أبي في أيّام الشّتاء الباردة..أبي والمطر يهطل تستلم لجنونه المزاريب..أبي في العيد، دخوله، خروجه، مباركته، عناقه، لقطة تقريبنا من حضنه , حركة ذراعه، ابتسامته المضبوطة تماما على درجة اتحاد التّسامح بالرّضا والمحبّة، فشل أيُّ مشكلة مهما كانت جبّارة في إسقاط انتصاره بنا في العيد..ليس كل الرّجال موهوبين ليكونوا أباء..أبي في ذلك القبر الصغير أو ذلك القبر الصغير  يحكي  شاهده قصة قصيرة جدًّا عن أبي: تاريخ ولادة وتاريخ استجابة الحياة للموت. أقوم، أنظر حولي، أمدُّ يدي للسكين الصغير ومعًا نملأ الصّحن الأبيض بعد أن ألتقط الحبّات واحدةً واحدةً وأقرأ أشكالها. موهبتي ،الأصغر من أرهفِ توتة أمسكت بها، تُلهمني لأقول: '' شكرًا ياللّه لأنّك خلقت الفواكه لمواساتي، أتمنى أن يكون الحبيب فاكهًا ومرتاحا .'' حبيبي ياأبي, من يخبرك أنّ دور البطولة

سبتمبرــــ نصيرة تختوخ

الملاك الذي يحرسني يمارس اليوغا في طمأنينة كاملة. إنّي بخير، مستسلمةٌ لدروسِ سبتمبر.  يأتيني منذ بدأ بجوٍّ ناعمٍ ويرمي غموضه في نهاري. يجدُ المجال فسيحًا لمقتنياته وحوّاسي بلا حذر. سبتمبر،على غير عادته معي، يَقْطُر ويُمَرِّرُ الصور على مهل، يُدرِّبني على كلام المَشَاهِد. كأنّي أصمت وكأني أَسكن، أدخل زمنًا أُرتب فيه موسيقى داخلية أُوقِعُهَا لاأعرف أين. أخرج بين مُوافقةٍ ومذهولة. سحرٌ ما في هذا الذي يحدث يلّف تهيؤاتي ويذهب بها قبل أن تنكشف لي. لقد كنت تعبت وقبلها حزنت كثيرا، سبتمبر يُجَرِّدُنِي الآن من حالاتي القديمة. يعزل عني عاداتي ويضع الوقت بيننا.  إنّه يمنحني امتياز الخيار وأمنحني حقّ السطو على الوقت وخفة الخلاص من المتكرر. الدفء كما يجيء يزيد الهالة حميميّة. ذلك الخريف الذي عاتبته طويلاً، لم يكن مذنبا في شيء. بدا مهزومًا خارج دائرة ودِّي كضعيفٍ في الحبِّ والمحاولة واليوم يُرْسِلُ إشاراته. قد يأخذ فرصته، سيأخذ فرصته إن واصل سبتمبر مشواره، يجرّني إلى أواخره ويرميني في الفصل الذي كان صعبا وسيصير حكاية حب. Nassira 5-9-2014

سقوط الصهيوني في امتحانات غزّة ـــ نصيرة تختوخ

إنها أواخر العام الدراسي والصهيوني يصر على امتحانه. لايريد أن يؤجله إلى مشارف العام الجديد، يرى نفسه جاهزا وقد كتب أهدافه وصرح أنه سيحققها. الصهيوني مزود بآلاته البرية، الجوية، البحرية وعنده الداعمون الشِّداد كما حوله الملتهون عنه ممن يعرفونه و يغضون الطرف عن حركاته ، حتى وإن أوجعهم يصبرون، لايليق به الدلال وتناسب الورطة من لا يحلون ولايربطون ويرتبكون في التصرف معه. غزة هيَ لا ترتبك. هي المُمْتَحِنة والمتمركزة في الحصار، الجاهزة دون تحضير لاستقبال تفوقها على التفوق. عبثا يتم تحفيز حماستها أو رسمها بصور من الخرافة والخيال. يقال لها: قاومي أو اصمدي أو قاتلي..ويقال عن صغارها، عن نسائها، عن رجالها ..أنهم لايخافون ...هم من هم كما هم من جماعة الإنسان الكبيرة وهي كما هي بما معها تتلقى وتسجل علاماتها التي تكشف مستوى الصهيوني الشديد الرداءة. عندما يخرج الأطفال فيها إلى الشاطئ ويقرر الصهيوني أن يملأ جرابه بأرواحهم تنفتح عيون سمائها ويتألم القلب. النتيجة أن الأجساد الصغيرة تدخل عالم الموتى وأن عالمَ الخزي والجريمة يسلط جاذبيته الكاملة على الصهيوني. لايسقط عليه التفاح بل ثوب الفض

أزهار العالم تتفتح في مهرجان الشعر الدولي بروتردام

صورة
http://www.alarab.co.uk/?id=25467 أزهار العالم تتفتح في مهرجان الشعر الدولي بروتردام تجارب المشاركين في مهرجان الشعر الدولي بروتردام تنوعت بين قصائد تناولت حيرة الوجود وبين لغة فكاهية تأرجحت بين الشعر والنثر. العرب  نصيرة تختوخ  [نُشر في 17/06/2014، العدد: 9592، ص(14)] المهرجان بدا كميناء المدينة الشهير، فضاء تتآلف فيه الثقافات روتردام- عاش مهرجان الشعر الدولي بروتردام- هولندا مؤخرا دورته الخامسة والأربعين، حيث حضرها شعراء من مختلف بلدان العالم وألقوا فيها أجمل قصائدهم التي تآلفت فيها الثقافات ناسجة مشهدية شعرية غنية الثيمات وطرق الإلقاء. ومن أبرز الشعراء الحاضرين نذكر السويدية “آن جادرلوند” والعماني محمد الحارثي والمغربي حبيب تنغور. غمرت الشاعرة السويدية “آن جادرلوند” الحضور بالحزن، حتى القشعريرة، بإلقائها الذي توحدت فيه مع كلامها عن الموت والجسد والتساؤلات. وظهر جليا تأثر الشاعر الألماني دانييل فالب بالفيزياء والفلسفة التي درسها، فحمل شعره مزيجا للغة بالواقع المعاصر واليومي، وتنوعت مواضيعه التي قد تبدو معروفة أو معقدة باقتراب من لغة الفكر. مقهى كافكا من جهته

الجمهور الكسول ---نصيرة تختوخ

أتذكر جملة للمغني الأسطورة '' فريدي ميركوري '' يخاطب بها الجمهور قائلا :'' اتركوني أُمتعكم '' ويتجاوب معها الجمهور بكل القابلية والثقة والحماس. الفنان صنع مشواره الناجح بدأبه وموهبته وقدرته على التجديد وبعد ذلك صار له مكان ومدخل أوسع يتيح له المجازفة . الجملة لمن يتأملها فيها أكثر من علاقة الثقة والتعلق والتفاوت بين صانع المتعة والمستمتع الشغوف: فيها كسل الجمهور والمتلقي المستعد للاستسلام لما ينقله إلى الحالة الأخرى . الجمهور الذي يبدو وكأنه يختلف من ساحات الغناء إلى أروقة المتاحف وكراسي المسارح ومعارض الكتب يتشابه في تكتله واستهدافه وكثيرا ما يقع في ذات الخمول الذي لا يثور عليه إلاَّ المبدع الحقيقي الذي قد تصطدم قناعاته بالقديم الموجود لكنها لا تثنيه عن المضي في طريق الجديد المغاير حتى وإن بدا غريبا. المُقَلِّدُون في الأدب والفنون وحتى المبدعون الذين يكرّرون نفسهم لايسهمون فقط في تفاقم الخمول عند الجمهور بل في النفور بعد ذلك من كثرة التشابه و نحافة المشهد. كلما ازداد المتكررون وأَسْهَمَ الإعلام في تعزيز سلوكهم بترويج طغيان المستنتسخ، كلما ازدادت قوة

من رسالة لفينسنت فان خوخ بتاريخ 9 فبراير 1886 إلى أخيه:

هل تريد سببا يتعمق فيه المرء للحفاظ على هدوءه ، حتى عندما يكون وحيدا وغير مفهوم وتكون سعادته المادية قد شُطِبَت ـــ أعتقد أنه موجود ـــ المرء يحس غريزيا أن الكثير تغير والكثير سيتغير ــــ نحن في الربع الأخير من قرن سينتهي بثورة عملاقة. إفترض أن كلانا يرى بدايتها ونحن في أواخر حياتنا. من المؤكد أننا لن نرى الأوقات الأفضل للسماء الصافية وانتعاش كل المجتمع بعد كل تلك العواصف الكبيرة. لكن هو أمر لا يستهان به أن لانكون ضحية المُزَيَّفِ في زماننا، لدرجة أن يكتشف المرء فيه ذلك الرطب غير الصحيّ والضاغط في الساعات التي تسبق العاصفة. ويقول :'' نحن في ضيق تنفس لكن الأجيال التي بعدنا ستستطيع التنفس بحريّة أكبر ''. ترجمتي--Nassira

منازلة داريس وإنتيلوس في إنياذة فرجيل ـــ ترجمة: نصيرة تختوخ

كجوائز خصص أينياس للفائزَ عجلا مزيّنا بذهب وشريط و كترضية للمنهزم خوذة وسيفا. مباشرة تطوع للنزال وسط الهتاف ذو قوة العمالقة دارِيس الذي كان يتعطش فقط للفوز على باريس والذي هزم بوتس الجبار، من سلالة أميكوس، بجوار قبر هكتور، حتى سقط ميتا على الرمل. وقف داريس متحديًّا برأس مرفوع ، كاشفا كتفيه العريضيتين وملوحا بذراعيه كما في المنازلة. من سيقابله؟ لاأحد من الجمهور تجرأ ، لاأحد شدَّ زنار الملاكمة عليه .  هكذا وقف داريس فائزا دون نزال، فرحًا ممسكا قرن الحيوان بيده اليسرى أمام أينياس قائلاً: '' يا ابن الآلهة إذا لم يتجرأ أحد على المنازلة، كم من الوقت عليَّ أن أبقى واقفا هنا؟ اتركني أذهب بالجائزة ''. الكل وافق أن يأخذ داريس مكافأة الفائز. لكن أسيستطيس كلَّم إنتيلوس الجالس بجواره على العشب لائما : ''أنت الذي كنت أول الأبطال هل تترك جوائز ثمينة كهذه تذهب دون التباري عليها؟  أين الإله *إيريكس الذي سماك سيّدًا؟ شهرتك التي انتشرت في الأرض الثلاثية(صقلية) ؟ التباهي بالجوائز التي تزين بيتك؟ '' ردّ: '' لاتتجنبني الشهرة والطموح خوفا، لكن اليَوْمَ

وردةٌ لكل مَارّ --نصيرة تختوخ

استيقظت أمس في قطع من الليل شعرت في كل واحدة منها بأن التعب في حقيبة دماغي. في المحطة الأخيرة التي سبقت نومي حتى الصباح فتحت هاتفي وقرأت قصيدتين لأنسي الحاج. الآن وأنا أشرب حليبا بالنسكافيه تخرج امرأة اسمها إيمَّا تحمل سلة ورد من زمن الفكتوريين، نظرتها وادعة وكلُّها يؤهلها لمهمة صباحية مثل :'' وردةٌ لكل مَارّ ''. إِيمَّا لاتقول شيئا، في حمرة الورد المستلقي اختبأت الرسائل. وجودها ودورها الجديد هما من يفعلان العجيبة التي تجعلها تتحرك نحو من يقترب من السطر وتعطيه وردة تُوقِفُ الزمن الذي رُزِقَ به العالم. الياء تجر الحروف بالموسيقى كعربة ملكية ، مالايُنْطَق عزف بيلي جويل على البيانو. '' خذ/ خذي وردةً '' ''اجعلها /اجعليها وردتك ، حرة حمراء من سلة إيمَّا إلى صباحك ''. إيمَّا لاتضحك. الإضافة فاكهة الخيال حين تتجاوب تفوز بلذتها. ليكن صباحك لذيذا جدًّا ! هنيئا لك الوردة، لأنك مررت وبدون تردد توقفت. Nassira23-4-2014

الخروج بنمر بورخيس ـ نصيرة تختوخ

على العشب أفكر بأن الشعراء يتركون كائناتهم رهينة مصائرها لتتورط في التصرف فيها بعدهم، فلا تتصرف. هكذا رأيت أقداما وبرية لاتتقدم خطوة واحدة ونمر بورخيس يصاب بتساقط الخطوط السوداء اكتئابا. لو غفوت قليلا ربما أدخل بأنسِ متوسطية ، عربية باللغة ، في محاولة لتعديل مدار النمر في المتاهة. أحكي له عن دايدالوس وإيكاروس مثلاً وعن العالم المفتوح من ممر ما يبدو مستحيلا ويصير متاحا بالإرادة. ''إلبس يا نمري خطوطك ، أظنها ثقيلة ومن العار أن أحملها وأمشي خلفك. بصدق أكبر أشك أنني أقدر على إضافة وزن إلى وزن روحي المثقلة. خلفي أو إلى جانبي كما تريد ''. يستجيب النمر فسرُّ الأسرار في عينيّ امرأة متعبة متوسل ــ آمر. يرقص العشب قصيرا طربا بالريح في أواخر أبريل هذا ما يراه جار يتلصص من طابق علوي. لا يدرك بالبصيرة أن المرأة التي تقرأ الشعر تخرج بالنمر بخطوطه كاملة وتترك شالها على الكتاب ميّتا إلى أن يُبعث حين تلمسه يداها. Nassira 21-4-2014

غابرييل غارسيا ماركيز لا حدود للبقاء الذي فتحت--نصيرة تختوخ

آخرُ ما كتبت عن الكاتب غابرييل غارسيا ماركيز كان في مذكراتي بتاريخ 14 فبراير من هذا العام،عيد الحب، دوّنت :'' تخطر ببالي قصة لغابرييل غارسيا ماركيز كانت البطلة فيها تعتقد أنها ستموت وعلَّمت كلبها أن يبكي وأن يزور قبرها الذي رتبت أموره بأكملها استعدادا لموت خالته قريبا. شَعَرَتْ بالرضا بعد أن وجدت طفلة تتمنى تبني الكلب وأخبرتها أن عليها فقط أن تتركه يغيب من حين لآخر لينجز مهمّةً ثم يعود. التصرف جعلني أتساءل عن حاجة الإنسان للوفاء والولاء، عن الحب الذي يبقى بعد الموتى، عن طمأنينة قلب كبير في لحظات عمله الأخيرة . يبدو أن الحب الذي يتنقل بين القلوب كائن يواسي الأحياء والوجود؛ أن الموتى الذين صنعوا الكثير من الحب يتركون لغيرهم حقيبة إسعاف للأوقات الصعبة وأنهم ساعة الاستنجاد بهم يجيئون بما تأتّى لهم من أدوات ولنا من إيمان ،مآلذي تفعله أيها الحب بالموتى؟'' كانت القصة تحمل عنوان شخصيتها الرئيسية'' ماريا دوس برازيريس '' التي انضمت انضماما مُستحقا لشخصيات ماركيز التي تتحرك وتتصرف لتلبس في الخفاء خطوات تعبر إلى عالم القارئ وتتدخل في أحاسيسه بإنسانية أحاسيسها. الآن

رائعة الشاعر نوري الجراح "الأيام السبعة للوقت"--نصيرة تختوخ

صورة
ندخل ديوان الشاعر نوري الجراح "يومُ قابيل والأَيّامُ السَّبْعَةُ للوقت"ونجدنا بما يشبه كولوسيوم ملتف علينا، ومفتوح على السماء. كُلُّ ما يحدث تشاهده السماء، كل مارأته أبصارنا ونسيته من صور الحرب في سطور الصحف،وتقارير الأعلام يتعاقب ويُعاقِبُنَا أو يجازينا . لنا أن نرى الأمر من الزاوية التي تناسبنا فهل تؤلم التراجيديا أم تمتع؟ تزلزل الحس الإنساني كي يصحو أم تواسي آلامه بتصغيرها أمام الآلام العملاقة؟ ''دمُ مَنْ هذا الذي يجري في قصيدتكَ أيها الشاعر؟ ''سؤال الشاعر القاهر المتكرر الذي يقف على مشارف الانفعال الصاعد كل مرة مع المشاهد الموالية له، والتي تحيل إلى الواقع فتهزم القارئ الإنسان. يقول مثلا: ''الأمهاتُ يُهرعن بالصِّبْيَةِ من حائطٍ إلى حائطٍ، ويخبِّئن العذراءَ في ركامِ الستائرِ جدرانُ الطِّينِ تتهاوى وسنابلُ الصيفِ تَتَقَصَّفُ...'' فتحاصرنا جدران الإنسانية وتأبى أن تكون كالكولوسيوم الذي استقبلنا ببوابات مفتوحة مقوسة، لأنها ترفض نوم الضمير، ولا تُشَرِّعُ الانسلال المريح. لاتترك قصيدة "الأيامُ السَّبْعَةُ للوَقْت" مجالا للعودة إلى

على غفلة وصل الملاك

على غفلة وصل الملاك  لم ينتبه الورد  كان يراقب الساعة مثلا  لم تنتبه الشمعـة  انشغلت بالبكاء  وحدي شعرت باقتراب الأبيض  عرفت أنه في مهمة  قدمت له بسمة تليق،  حلوة كالأحمر  إقترب أكثر ازدحمتُ بالأبيض  صارت السحابة وثيرة  تَأَنْسَنَ قليلا ، انسحبنا طويلا  حتى المنتصف  انطفأت الشمعة  ولم يبك الليل  تبَدَّلت أسراري بنجوم  وشعري بمسحوق وردي يسبح حولي  ظهرت فراشات تتبعني  انتشرت حقول القطن  سألته أول مرة  إن كان هذا يحدث كل أول مرة  فاكتنز القطن وضحك الحقل  انفتح كون  أنساني السؤال  غاب الفَرَاش  زادت النجـوم  طاف الفاكهون مسرورين  همس:  ''دخلنا المحبة''. Nassira

إلى أُمِّي ــ 21-3-2014

سيدتي وأنت تنتظرين أن أكتب لك. إسألي المساء أوَّلاً أين ذهب بأحمر الشفاه لأختم الظرف بقُبْلَة. ليس معي مايكفي لطابع بريدي عليه صورتك. منذ أن تَوَّجْتُكِ ملكتي وأنا أخبئ طوابعك النادرة في الذاكرة وأستعين بالقبل في الطوارئ. أيتها الجميلة التي تنام بي في حُلمها، تمشي بي في قلقها، تحبني منذ أن كُتِبْتُ طفلة لاتكبر في قَدَرِها، أ هنئك وأطالبك بأن تتخلَّصِي مِنِّي قليلا لأُمَرِّنَ لك المانوليا على اهتزازات متوسطية. اشتقتُ للبحر الأبيض المتوسط كما تشعرين، ألم أقل لك تخلصي مني قليلا كي لاأولمك ؟ كيف أسامحني ياعذبة الروح على طبعي الغريب؟ اتركيني أهنئك دون دموع، اتركيني أصعد بالحب حُبِّكِ ذي الجناحين والفخامة. ياسيدتي مالنا والدموع اليوم مناسب جدًّا ليبدأ الربيع، لأكتب فوضاي المزهرة، لتضحكي . سأخبرك بآخر مشروع بعد رحلة ڤرساي القادمـة: سيكون نيسان وتصفو السماء كعادتها، تغرد العصافير صباحا... سأفعلها ويطيعني الأزرق. النِّيَةُ لوحدها وصول ومُثُول كما تعرفين. من الأبيض القطني أملأُ لك وسادة الحلم على عجل وعلى الأزرق أحملك ريثما أسحب الكون المريض أُبَدِّلُهُ بالوجود السعيد الذي يليق بك. ياواحدة م

الحياة بين نبضتين

لاتفقد حماستك! شيء كهذا يجب ألاَّ تفعله أبدا. حافظ على قلبك مشتعلا حتى يتلقفك فرح عارم. أردت في هذا الصباح الهادئ أن أُفَجِّرَ ألعابا ، وأن يأخذ العالم إجازة من دموعه وحروبه لنلتقي حول أنوار البهجة. هل تذكر كيف تبتهج وتضحك وتضحك حتى يصاب الألم بالخدر يفقد ذاكرتيه القصيرة والبعيدة المدى؟ إن كنت لا تذكر؛ استسلم لتجربتي التي سأحاول وصفها: استيقظت كالعادة بكرنفال داخلي وعلى غير العادة على الساعة الرابعة مساءً ما زال الكرنفال قائما، والسر كُلُّه في صدفة في عمقي الذي لم أعرف عنه بعد كل شيء. النتيجة هي الأهم اترك نفسك لتُلْهَم. الحياة هنا. في أنفاسك ومن حولك ،وحتى بين نبضتين. إنها تضمك، في أشرس لحظاتها وجنون ساديتها تضمك، وأنت تتمنى الفرار منها ويبلغ سخطك ذروته تعانقك بشدة. اقبلها مثلي أرجوك! لا تبذل جهدا للتعاطي معها؛ التصاقها الكبير واقع جَنِّبْهُ العتب من فضلك.  توحد مع حياتك لترفرف الأعلام البيضاء بداخلك أيها المهزوم الباسم. ينطلق الدفء دوما من التناغم الناجي من الدخلاء، وكُلُّ ما يحاول تعكير صفوك دخيل.. أغلق مجاله بالحفاظ على حالتك المزاجية الاحتفائية. بماذا تحت

لي وحدي

عندما تبدأ رقصتي الداخلية كونوا أو غيبوا. لاتنتمون، لاتُفْتنون، لاتعرفون من المشهد إلاَّ البريق في عينيّ إن اصطادته نظرة منكم لبعض وقتٍ. وكُلُّ الوقت المُنْفَلِتِ من وحداته بَيْنِي وبَيْنِي. لايستعجلني , لايُذْهِلُه إلاَّ يُسْرُ العبور. لست وِزْرَ غيري ولا انتظاراتٍ , أُمنياتٍ , مَدَّ عواطف أو جزرها. أنا على إيقاعي ومعه، بِالحركة المتقدة بنور الروح وَسَطَ المكان, خارِجـه. أَلْعَبُ لُعْبَتي بلا شريك ـ لا شركاء لي. لاأُنافس لا أتنافس، أتنفس لِرِئَتِي الحياة بنشيد عصافير الصباح وطِيبة البنفسج , تجيء رطبة بلا جهد. أُغْنِيَّةُ الطبيعة ، جمهور خلايا مليئة بالحب، خفيفة كبسمتي، تواصلي منفرد . يُلائمني أن انفصل حيث ينْفَتِحُ السِّر على أريحية دُخولي. ياأوراقاً طالها الشحوب ، ياأغصان الشجر النحيلة، ياطاقة الضعفاء، للأرض عودتكِ، أراك وأراني ذاهبة بسعادتي. ريثما أعـود ارقصي دون تداخلٍ معي فجوانيتي لي وحدي. Nassira  26-10-2013

بداية العالم ليست بيضة--نصيرة تختوخ

صورة
''بداية العالم '' تُحفة فنية ذات شكل بيضوي من إنجاز النحات كونستانتين برانكوزي, لايجب الاستعجال في الحكم عليها شأنها شأن أعمال كثيرة للفنان. ذاك أن التوقف والانتباه يمنحان فرصا أكبر لاستكشاف مايخبئه الشكل وماأملته المادة على نحاتها الذي أنصت إليها بتأنٍّ ولامسها دون فرض رغباته عليها. برانكوزي الذي ابتدع نهجا جديدا واختار أن يبتعد عن ظل رودان عرف كيف  يجعل قامته تسمو في عالم الإبداع ويلفت عيون العالم التواقة للدهشة إلى ماتباركه يداه.  قَصَدَ إبن القرية الرومانية باريس مارًّا بميونيخ مسلحا بموهبته وطموحه ومتحديا لظروفه المادية فلم يقيده التقليد كما لم يعبث بالفرص التي أتيحت له. قدم لنا ''بداية العالم'' فبدت كبيضة من البرونز لأول وهلة وكوجه متوازن أملس ولامع بلا ملامح ولاجسد يحمله لمن يطيل النظر أكثر. وجه يغري بتأمل البدايات والإصغاء لهمس المادة المتموضعة أخيرا في شكل ناعم ومستقر نراه ونسمع تفكيرنا الداخلي بشأنه. الأمر الذي يتكرر مع منحوتات كثيرة للفنان منها ''الملهمة النائمة'' و''الآنسة پوغاني'' و'' الع