سقوط الصهيوني في امتحانات غزّة ـــ نصيرة تختوخ


إنها أواخر العام الدراسي والصهيوني يصر على امتحانه. لايريد أن يؤجله إلى مشارف العام الجديد، يرى نفسه جاهزا وقد كتب أهدافه وصرح أنه سيحققها.
الصهيوني مزود بآلاته البرية، الجوية، البحرية وعنده الداعمون الشِّداد كما حوله الملتهون عنه ممن يعرفونه و يغضون الطرف عن حركاته ، حتى وإن أوجعهم يصبرون، لايليق به الدلال وتناسب الورطة من لا يحلون ولايربطون ويرتبكون في التصرف معه.
غزة هيَ لا ترتبك. هي المُمْتَحِنة والمتمركزة في الحصار، الجاهزة دون تحضير لاستقبال تفوقها على التفوق.
عبثا يتم تحفيز حماستها أو رسمها بصور من الخرافة والخيال. يقال لها: قاومي أو اصمدي أو قاتلي..ويقال عن صغارها، عن نسائها، عن رجالها ..أنهم لايخافون ...هم من هم كما هم من جماعة الإنسان الكبيرة وهي كما هي بما معها تتلقى وتسجل علاماتها التي تكشف مستوى الصهيوني الشديد الرداءة.
عندما يخرج الأطفال فيها إلى الشاطئ ويقرر الصهيوني أن يملأ جرابه بأرواحهم تنفتح عيون سمائها ويتألم القلب. النتيجة أن الأجساد الصغيرة تدخل عالم الموتى وأن عالمَ الخزي والجريمة يسلط جاذبيته الكاملة على الصهيوني. لايسقط عليه التفاح بل ثوب الفضيحة والعار.
''هنيئا لك الفشل الجديد، لست تتعلم '' لاتقولها غزة بل تفعلها في توازن كامل من مكانها الذي يبدو مسرحا لفصل تراجيدي آخر.
إنّها لاتراهن ، الصهيوني من يأتي مدججا بحقده الكبير ونواياه الإنتقامية كارها لها وكارهة للقائه تلقاه كما تريد لا كما يتمنى. الإرادة سلاح لاتنكره غزة، لاتفاوض عليه ولاتشتريه من أحد، لاتشتغل على تطويره، تملكه كموهبة فذة مكتملة.
للصهيوني أفكار كثيرة وخطط واستراتيجية ولمُمْتَحِنَتِهِ حكمة المتأملين ــ العارفين بأسرار الديمومة.
يجازف الصهيوني بالمحاولة و أمامه البيوت سافرة ومايزيد عن مليون إنسان موزع على كيلومترات مربعة تحمل جبارة العدد بكل أرقامه، أول ما يوسع المقبرة لكن المليون ومايزيد عنه سرعان مايلملم أرقامه. تذكّره غزة بأن الغزاويين لاينقرضون فلايستوعب أو ينسى لأنه يجدد فشله كل مرة بنفس الطريقة، يقع دوما في تشابه الحالة.
هؤلاء الذين يتحدثون عن الأسلحة، عن سعادة الرئيس، عن أدوار الزعامة منهم كثيرون لايفهمون ماتسطره غزة وقطاعها المستأنسان بالبحر الأبيض المتوسط ولو أتاها الموت باغيا من كل جهة وباب. إنّها تبقى، تعلمت أن تبقى وأطول وأقسى فاتورة تُملى عليها تعرضها على الشهود وتبقى. يسقط الصهيوني في الامتحان ،مهما تظاهر بالإستخفاف يحس بعسر المهمة بعد كل إخفاق. أمام إصراره دوما إصرار كنعاني أعند.
لسوء حظه يعجز عن تجميل مبادرة تقديم الموت عقابًا وينفلت منه الوحش الممتلئ بالكراهية،يدمر صورة المتمدن والمتحضر فينكشف قبح المعتدي المنزلق إلى الجريمة أمام صاحب الحق وأوّل حق يشهره إنسان غزة : حقه في الحياة