منازلة داريس وإنتيلوس في إنياذة فرجيل ـــ ترجمة: نصيرة تختوخ

كجوائز خصص أينياس للفائزَ عجلا مزيّنا بذهب وشريط و كترضية للمنهزم خوذة وسيفا.
مباشرة تطوع للنزال وسط الهتاف ذو قوة العمالقة دارِيس الذي كان يتعطش فقط للفوز على باريس والذي هزم بوتس الجبار، من سلالة أميكوس، بجوار قبر هكتور، حتى سقط ميتا على الرمل.
وقف داريس متحديًّا برأس مرفوع ، كاشفا كتفيه العريضيتين وملوحا بذراعيه كما في المنازلة.
من سيقابله؟ لاأحد من الجمهور تجرأ ، لاأحد شدَّ زنار الملاكمة عليه . 
هكذا وقف داريس فائزا دون نزال، فرحًا ممسكا قرن الحيوان بيده اليسرى أمام أينياس قائلاً: '' يا ابن الآلهة إذا لم يتجرأ أحد على المنازلة، كم من الوقت عليَّ أن أبقى واقفا هنا؟ اتركني أذهب بالجائزة ''.
الكل وافق أن يأخذ داريس مكافأة الفائز. لكن أسيستطيس كلَّم إنتيلوس الجالس بجواره على العشب لائما : ''أنت الذي كنت أول الأبطال هل تترك جوائز ثمينة كهذه تذهب دون التباري عليها؟ 
أين الإله *إيريكس الذي سماك سيّدًا؟ شهرتك التي انتشرت في الأرض الثلاثية(صقلية) ؟ التباهي بالجوائز التي تزين بيتك؟ ''
ردّ: '' لاتتجنبني الشهرة والطموح خوفا، لكن اليَوْمَ العجوز يُسَكِّنُ دمي، يبرد قوتي في جسدي المتداعي.
لو كان لي الشباب حيث الجسارة تثق بالجرأة، لكنت قفزت متحمسا وليس من أجل الجائزة التي لاتساوي عندي شيئا ''.
أُلقي له بزوج أحزمة ملاكمة ضخمة ثقيلة كان إيريكس يلبسهما في نزالاته ،ويداه في الجلد الصلب. حجمهما مثير للتعجب دوما: الرصاص والحديد خِيطا معا جيدا في سبع طبقات من جلد ثور ممتاز.حتى داريس صُعِق ولم يستسغ المنظر.
أخذ ابن انخيسس النبيل بانتباه مقاسات ووزن الأحزمة. وقال إنتيلوس العجوز كلامه الرزين:'' كان على المرء أن يرى أحزمة هيراكليس، عندما كان يأتي للملاكمة هنا، أخوك إيريكس يا ابن فينوس كان يحمل تلك الأسلحة، أترى أنها مرشوشة بالدم والمخ؟ هيراكليس لم يكن يتهرب منها وأنا أيضا استعملتها عندما كانت قوتي أكثر شبابا ولم يكن الشيب يزداد في رأسي بعد كل نوم .
الآن وداريس يتحدى هذه الأسلحة وأينياس واسيستطيس يسمحان بذلك لتكن حظوظنا متساوية! أمنح بكل سرور الجائزة لزوج إيريكس(يقصد الأحزمة) إذا أنت أظهرت ملاكمة طروادة التي تعلمت ''.
نزع عن كتفيه الغطاء المزدوج ووقف بصدره العريض وذراعيه العاريتين رائعا وسط حلبة الصراع.أمر أينياس بإحضار زوجيّ أحزمة متماثلين لهما كي تكون الحظوظ متساوية.أخذ كلٌّ منهما مكانه، الأيدي جاهزة والأذرع موجهة شجاعة. 
إلى الوراء تجنب كل من هما ضربة القبضة التي تتناوب على الهجوم والدفاع. في الحركة السريعة يحس أحدهما أنه الأقوى ويحس الآخر ذلك في العضلات، والوزن مع الركبتين الصلبتين والصدر اللاهث بثقل.
يشتبكان بلاجدوى. صدراهما يدمدمان من وقع الضربات المصيبة القوية وآذانهما تئز وفكوكهما تطقطق من أثر الضربات القاسية المصوبة يمينا ويسارًا.
إنتيلوس يقف ثابت العزم ويتفادى الضربات، حذرا حاد النظرة، بالحد الأدنى الممكن من الحركة. لكن داريس كمن يُحاصر مدينة عالية الأسوار أو من يهاجم مقرًّا في جبل عالٍ يحاول أن يهاجم هنا وهناك ويُعَدِّلُ الحيل دون نتيجة.
أراد إنتيلوس أن يوجه ضربة إلى أعلى اليمين لكن داريس توقعها وتجنبها بسرعة شديدة فذهبت قوة الآخر هباءً وسقط بكل ثقله بشدة على الأرض كتجوف ينكشف في الجبل ومتشققا يهوي إلى الأسفل.
صرخ الجمهور المختلط صرخة واحدة، كانت صرخة أسف بالنسبة للبعض وصرخة متعة بالنسبة للبعض الآخر.أسيستطيس تقدم ليساعد صديقه على النهوض وأشفق عليه. لكن إنتيلوس لم يفزع مما حدث له :استأنف النزال بشراسة أكبر، بسبب الغضب والشعور بالكبرياء وإدراكه لأغلبيته. صارخا انفعاله أبعد خصمه من أمامه بالضربات يمينا ويسارا لم يمنحه أيّ مهلة تذكر: كسقوط بَرَدٍ على السقوف طقطقت الضربات نازلة مطاردة داريس على الساحة.حينها لم يسمح أينياس، بأبُوَّة، أن يستمر إنتيلوس بانفعاله الجارف فأعطى إشارة لداريس المنهك بأن يقطع المنازلة ويتوقف . ثم تحدث إليهما:'' أي جنون ألَّم بك أيها الرجل المسكين؟ تخلت عنك بركة الآلهة. إرتح هناك!''،'' أعلن نهاية النزال ''.
هو الذي كان من المستحيل تقريبا سحبه ومن كان يحرك رأسه إلى الأمام والخلف ويتقيأ أسنانا ودماءً متدفقة أخذه زملاؤه إلى السفينة وأخذوا معهم الخوذة والسيف. أمَّا الثور كجائزة مشرفة للفائز فقد كان من نصيب إنتيلوس.
نادى إنتيلوس منتصرا فائزا بالجائزة:'' يا ابن الآلهة ، ياشعب التوكريين(الطرواديين)، أنظروا إلى ماتمكنت منه في ريعان الشباب، وأيّ موت أنقذتم منه داريس !''
تقدم بالقرب من رأس الثور وبيمناه المكومة في الحزام ضرب بقوة بين القرنين. تكسرت الجمجمة وهوى الحيوان على الأرض ميِّتًا.
حينها أعلن محتفيا:'' هذا القربان،* إيريكس، زِنْهُ بداريس، ملاكمتي بهذا تمت للأبد ''.

* إيريكس ابن افروديت/فينوس وملك صقلية عرفت عنه قدرته على الملاكمة. مات في منازلته مع هيراكليس وصار هذا الأخير سيدا على الجزيرة التي تركها فيما بعد لأهل صقلية، بشرط أن يعيدوها إذا أتى أحد من سُلالته مطالبا بها. دفن إيريكس في معبد أفروديت الذي شيده في أعلى الجبل الحامل لإسمه.