عن القراءة: علينا أن لانقصد الكتب كهاربين ونافرين من الحياة بل كأصحاب إرادة(1911) هرمان هسه (ترجمتي)
القارئ، الذي يريد تمضية الوقت أو التسلية، و ذلك الذي يتوخّى تطوير نفسه، يعتقد أنّ في الكتب تلك القدرة المختبئة للتنشيط والارتقاء بالأذهان، لكنه لا يعرفها حقًّا ولا يستطيع تقديرها. لذلك يتصرف كمريض غير رشيد يعرف أن في الصيدلية أدوية جيدة كثيرة فيبدأ بتجريب كلّ مافي الصيدلية تباعًا وبجرعٍ متتالية. ومع ذلك فإنّ في الصيدلية فعلاً، كما في المكتبة ومحلّ بيع الكتب، أدوية مناسبة للجميع ومن المفترض من كلّ واحد أن يأخذ لنفسه منها ما يقوّيها وينعشها عوض أن يسمِّمها و يشحنها بالزّوائد. من المستحب بالنسبة للكتّاب أن يُقْرَأَ كثيرا، وربّما يبدو غير معقول أن يجد كاتب أنّ النّاس يقرأون كثيرًا، لكّن مع الوقت فإنّ بهجة الكاتب تزول إذا كان يرى أنه يُفهم بالشكل الخطأ ويساء إليه في كلّ مكان. عشرة قرّاء جيدين وممتنين أفضل وأكثر إرضاءً ، رغم العائدات القليلة، من آلافٍ من اللاّمبالين. لذا أجرؤ وأصرّح بأنّ هناك قراءات أكثر من اللاّزم في كلّ مكان، وليس للأدب في كثرة القراءة هذه أيّ شرف بل بالعكس هناك إساءة له. الكتب ليست لجعل الناس الذين يفتقدون للاستقلالية أكثر تبعية، وليست لإعطاء بديلٍ رخيص مبنيٍّ على...