المشاركات

عرض المشاركات من 2020

عن القراءة: علينا أن لانقصد الكتب كهاربين ونافرين من الحياة بل كأصحاب إرادة(1911) هرمان هسه (ترجمتي)

صورة
  القارئ، الذي يريد تمضية الوقت أو التسلية، و ذلك الذي يتوخّى تطوير نفسه، يعتقد أنّ في الكتب تلك القدرة المختبئة للتنشيط والارتقاء بالأذهان، لكنه لا يعرفها حقًّا ولا يستطيع تقديرها. لذلك يتصرف كمريض غير رشيد يعرف أن في الصيدلية أدوية جيدة كثيرة فيبدأ بتجريب كلّ مافي الصيدلية تباعًا وبجرعٍ متتالية. ومع ذلك فإنّ في الصيدلية فعلاً، كما في المكتبة ومحلّ بيع الكتب، أدوية مناسبة للجميع ومن المفترض من كلّ واحد أن يأخذ لنفسه منها ما يقوّيها وينعشها عوض أن يسمِّمها و يشحنها بالزّوائد. من المستحب بالنسبة للكتّاب أن يُقْرَأَ كثيرا، وربّما يبدو غير معقول أن يجد كاتب أنّ النّاس يقرأون كثيرًا، لكّن مع الوقت فإنّ بهجة الكاتب تزول إذا كان يرى أنه يُفهم بالشكل الخطأ ويساء إليه في كلّ مكان. عشرة قرّاء جيدين وممتنين أفضل وأكثر إرضاءً ، رغم العائدات القليلة، من آلافٍ من اللاّمبالين. لذا أجرؤ وأصرّح بأنّ هناك قراءات أكثر من اللاّزم في كلّ مكان، وليس للأدب في كثرة القراءة هذه أيّ شرف بل بالعكس هناك إساءة له. الكتب ليست لجعل الناس الذين يفتقدون للاستقلالية أكثر تبعية، وليست لإعطاء بديلٍ رخيص مبنيٍّ على الو

الإعتراف الحقيقيّ من الناس العاديين بالشّاعر غير موجود وقدر الكتّاب أن يُساء تقديرهم ــ هرمان هسه ( ترجمتي)

صورة
لا تغضب إذا لم أجب مباشرة عن سؤالك بشأن الكُتَّاب الذين أسيء تقديرهم. لقد حاولت جاهدًا لمدّة ساعة لكّن ذاكرتي سيّئة ولم تسعفني بأسماء الكتّاب الضّروريين. عندما حاولت ربط الأمر بالماضي وتذكّر كتّاب من الماضي البعيد أُسيء تقديرهم ولازالوا لم يُمْنَحوا حقّ قدرهم، مثل جان بول وبرينتانو وأرنيم وكلّ البقيّة، إنتبهت فجأة أنّه لايوجد كتّاب إلاّ ويُساء تقديرهم. الكاتب كظهور مريب، يبدو وكأنّ قدره المُلِّح ضمن القطيع البشريّ أن يساء تقديره وكأنّ تلك في الحقيقة هي مهمّته الرّئيسية. طبعًا لايحدث الأمر دائما بطريقة خشنة 'بأن يخرج من الواقع ' بأن يُجوّع نفسه وحيدًا في غرف باردة في عليّة ما أو أو بطريقة ليست أقّل تفضيلاً بأن يصير مجنونًا. هناك كتّاب يساء تقديرهم لأنّ كتبهم لاتُقرأ؛ كلّ الكتّاب الألمان الحاليين الكبار ينتمون لهذه الفئة. هناك كتاب آخرون أيضا قدرهم أنّ كتبهم بدزّينات ومئات من الطّبعات ولذلك ليسوا بأكثر تقديرًا. إنّ الإعتراف والتقدير الحقيقيين للشّاعر من النّاس العاديّين غير موجودين، إنّهما مجرّد تخيّل عند المؤرخّ الأدبّي. الكاتب، وقد يعرف ذلك أو لايعرف، ميتافيزيقيّ وليس لديه أب

من رسالة لهرمان هسه إلى فنّان شابّ ( ترجمتي)

صورة
5 يناير 1949، الفاضل ج.ك، شكرا على رسالة العام الجديد التي بعثت. إنها محزنة ومحبطة وإنّني أفهمها جيدا جدًّا. لكّنها تتضمن المغزى أيضا؛ كونك تتعذب بفكرة أنّ لك وحياتك معنى ومهمّة مقسمّة تعذبك إن لم تقم بها. أمر مليء بالأمل رغم كل شيء لأنّك تذكر الحقيقة في كلمات، وإنّي أرجوك أن تتذكر ملاحظاتي القليلة عنها من حين لآخر وأن تفكّر فيها. هذه الأفكار ليس لي بل هي قديمة جدًّا وهي أفضل ما فكّر فيه الناس بشأن أنفسهم ومهامهم. ما تنجزه أنت في الحياة، ليس فقط كفنّان لكن كإنسان أيضا، كرجل وأب، كصديق وجار إلخ، يعتبر منذ قرون 'معنى ' العالم و منذ قرون أيضا العدالة التي لا تقاس بمقياس ما معيّن بل بمقياسك الشخصي الخاص بك وحدك. الإله لن يسألك، إذا كان سيحكم عليك:'هل صرت هولدر أو بيكاسو أو بيستازولي أو غوتهلف؟ 'لكنه سيسأل: 'هل كنت وصرت فعلا ج.ك الذي امتلك المواهب والصفات الوراثية التي مُنِحت؟ ' وهنا لن يتذكّر قطّ أي إنسان طرق تيهه دون فزع أو خجل. سيقول في أقصى الأحوال: 'لا، لم أصره ، لكنّي على الأقلّ حاولت حسب جهدي.' وإذا استطاع أن يقول هذا بصدق فإنّه يكون معذورا ويكون

رسالة للقارئ من هرمان هسه ( ترجمتي)

صورة
إلى قارئ -- هرمان هسه يوليوز 1930 (ترجمتي) '... عندما يكتب قارئ إلى كاتب ويقول له أنّ إصداره الجديد يعجبه ويهنئه، يضيف غالبا عبارات سلبية عن عمل آخر ما للكاتب نفسه. هذا على الأقل مايحدث معي دائما. من يهنئني على 'سيدهارتا' يرفض 'دميان' أو 'كلينكسر '. من أحبَّ ' ذئب السهوب ' وجد ' نزيل المنتجع الصحي ' ضعيفا. من أرسل لي المديح عن ' فم الذهب ' لم يفعل ذلك دون أن يسرّب بأن لا أحد توقع بأنني بعد رداءة 'ذئب السهوب ' سأكتب رواية بهذا المستوى. لاأحد من هؤلاء القراء يستطيع أن يقول لأمٍّ من دائرة معارفه بأنه يهنئها على طفلتها أنّا لكن طفليها إميل وماري منتوجان بالغا الرداءة. بالنسبة للكاتب الأمر سيان. بالنسبه لي ' كنولب ' و'دميان '، 'سيدهارتا'،'كلنكسر '،' ذئب السهوب ' و 'غولدموند ' كلهم إخوة بعض، كل واحد تنويع لثيمتي. أن يكون هناك قراء لايرون في 'ذئب السهوب ' مجرد حكايات عن الجاز و حفلات الرقص، بينما لايرون المسرح الساحر ولا موزارت ولا حتى 'الخالدين ' الذين يشكلون في الح

"كراهية الشّعر" للشاعر الأميركي بن لرنر

صورة
    كراهية الشّعر  كتاب للشّاعر الأميركي بِنْ لِرْنِرْ صدر عام 2016 يتناول فيه تناقضات وانطباعات سلبية متعلّقة بالشِّعر وحتّى   الشعراء. فيظهر تشابه واضح بين ما يكابده الشعر الأميركي وما يكابده الشعر العربيّ. وحسب الكاتب فإنّ مقالات مطولة تصدر باستمرار تحاكم الشِّعر أو تعلن وفاته وتتهم الشُّعراء المعاصرين بتردّي واقع الشِّعر؛ أمرٌ لافتٌ للانتباه إذا قارنا الشّعر بأشكالٍ فنية أخرى. يتطرق هذا الكتاب لمأزق الشعراء الكبار الذين يصارعون محدودية القصائد التي تخيب آمالهم؛ والشعراء الذين يكتبون شعرًا شديد الرداءة لكنهم يظهرون، حتى ولو من دون قصد لمحة من طاقة كامنة، فضلا عن الشعراء الطلائعيين (المنتمين للحركة الطليعية) الذين يكرهون الشعر لأن القصائد تبقى قصائد ولا تتحول لقنابل، والنوستالجيين الذين يكرهونه لأنه لا يفعل ما قد فعله في الماضي، غير مدركين أن تصورهم عن الشعر في الماضي مغاير للحقيقة. تناقضات وانطباعات سلبية للشِّعر  شعراء يفشلون في كل مرّة يستشهد الكاتب بتفسير للشاعر ألن غروسمان الذي يرى أنّ الشِّعر يأتي من الرّغبة في تجاوز النّهائيّ والمؤقّت؛ للارتقاء والوصول للإلهيّ اللاّمحدود (الما

شاعر على صهوة حصان شاميّ ( الشاعر الفرنسي جيرار دو نيرفال(1808ـ 1855) على مشارف بيروت) ترجمتي من كتابه ' رحلة إلى الشرق '

صورة
  عندما استيقظت وجدت الشّاب موسى جالسا أمام بابي، على عتبة الفناء. الحصان الذي أوصله كان متوقفا أسفل الدرج، برجل مطوية تحت البطن بواسطة حبل وتلك طريقة العرب في ربط الخيل. لم يكن عليّ إلاّ أن أنحصر في واحد من تلك السّروج العالية، وفق الموضة التركية، والتي تضغط المرء كملزمة وتجعل السقوط مستحيلا. الركاب عريضة من النحاس على شكل مجرفة المدفأة مربوطة على ارتفاع كبير بالنسبة للمرء وهو جالس بساقين مثنيتين؛ الزوايا الحادة تستخدم لوخز الحصان. لقد ابتسم الأمير قليلا لورطتي وأنا أحاول اتخاذ هيئة فارس عربي وأعطاني بعض النصائح. كان رجلاً شابًّا بطلعة منفتحة وصريحة؛ أُعجبت باستقباله منذ البداية. كان اسمه 'أبو ميران ' وينتمي لفرع من عائلة 'حبيش ' الأبرز في كسروان. حتى ولو لم يكن الأغنى كانت لديه سلطة على عشرات البلدات التي تشكل مقاطعة، وكان يعيد رسومها لباشا طرابلس. عندما صار الجميع جاهزا نزلنا إلى الطريق التي تحاذي الضفة، والتي في مكان آخر غير الشرق ستعتبر مجرد ممرٍّ ضيق بسيط. بعد حوالي فرسخ أشاروا لي على الكهف الذي خرج منه التنين الذي كان مستعدا لافتراس ابنة ملك بيروت عندما ثقبه ال

قصيدة 'أصدقائي ' للشاعر الباكستاني فيض أحمد فيض كتبها في منفاه عام 1980 في بيروت .(ترجمتي عن الإنجليزية)

صورة
عندما يُفْتَحُ الباب على مكاني الحزين، يصل أصدقائي: هاهو المساء جاء لينشر الكآبة حولنا؛ هاهي الليلة المقمرة ذات النجوم تتحدث عن خيباتها؛ ها هنا الفجر، حادٌّ كمِبْضَعٍ ليشتغل على قروح الذاكرة المفتوحة هاهو مابعد الزّوال يصل بسياطٍ ملتهبةٍ في كُمَّيْه. كلّ أصدقائي الذين أنا معهم على تواصل، ليل نهار هنا. متى أتى من و من متى غادر، عيناي و قلبي حقًّا لايعلمون عقلي الذي يمضي مسرعا في اتجاه بلادي يركب الأمواج، حاملاً آلاف الشكوك والهواجس، يفكّر في أسئلة كثيرة !

أحيانا، عندما تصمت...للشاعرة الهولندية م.فازاليس(ترجمتي)

صورة
  ترجمتي لقصيدة للشاعرة الهولندية م.فازاليس (م.فزاليس إسم الشهرة لمارغريتا دروخايفر فورتاون -ليينمانس التي درست الطّب والأنثروبولوجيا وتخصصت في مجال الطب النفسي وبقيت تعمل كطبيبة نفسية حتى بلغت من العمر سبعين عاما. ولدت عام 1909 وتوفيت عام 1998 وهي إحدى الشاعرات الهولنديات المعروفات واللواتي يحظين بتقدير كبير من طرف النقاد والقرّاء معا. نشرت في حياتها ثلاثة دواوين ونُشِرَ لها ديوان بعد وفاتها تضمّن قصائد كانت لم تنشر من قبل.) أحيانا، عندما تصمت وتنظر من النّافذة يقبض عليّ جَمَالُكُ كيأسٍ يأسٌ لاتطفئه أيّ مواساة، لا بالكلام ولا بالقُبل، بحجم وجودي، وبقَدْرِ عمري أن أراك وأن لاأستطيع أن أكونك، أن أكون منفصلة عنك بعينيّ، أن تكون جالسًا هناك، ومولودًا خارجي، أمرٌ مؤلم كالولادة. عندما تصمت وترى من النافذة تأتي الريح وتحرّك شعرك، الواقف على حافة جبينك، كقصبٍ نهري على ماء راكد. أحيانًا تأتي غيمة مبحرة في السّماء، فأرى الظلال تمرُّ على عينيك. حينها تكون وكأنّك أبديّ بالنسبة لي، وكأنّه مسموحٌ لي أن أكون للحظة فقط في حياتك، وكأنّ وقتيّتي تفصلني عنك، ثمّ يحدث أن تدير رأسك وأرى ضحكتك. *على الصور:

لشجرة في فوندل بارك ــ قصيدة للشاعرة م. فزاليس ( ترجمتي)

صورة
هناك شجرة مطروحة أرضًا بخصلات خضراء طويلة تنهدت هامسة كطفل وهي تهوي وماتزال مليئة بريح الصيف. لقد رأيت العربة التي اقتلعتها. آه، كأنها رجل شابّ، كأنّها هكتور مشدودًا للعربة، بشعرٍ طويل يلامس الأرض ورائحة صبا تسيل من جروحه الجميلة، الرأس الفتيّ سالم و الجذع الفخور غير منهزم.

ترجمتي من مقطع من حوار بول فان دير فيلده مع الصحافي فوكه أوبيما: 'مامغزى الحياة؟'

  بول فان دير فيلده أستاذ الديانات الأسيوية في كلية الفلسفة والثيولوجيا والعلوم الدينية في جامعة رادباود بمدينة نايميخين الهولندية ترجمتي من مقطع من حواره مع الصحافي فوكه أوبيما. الصحافي: 'مامغزى الحياة؟' بول فان دير فيلده:' هناك نكتة لطيفة بهذا الشأن. تقول عندما خلق الإله الأرض وعرض أجمل ما ابتكره على الإنسان. سأله هذا الأخير: 'لكّن مامغزى كلّ هذا؟ ' فكان ردّه:' وهل يجب أن يكون هناك مغزى؟ ' فأجاب الإنسان:'أجل بالتأكيد.' بعدها عقّب الإله:' جميل، ليكن لك إذن أن تبحث عن المغزى.' لاأدري إن كان هناك مغزى لكّني أعلم أننا نقضي أيّامنا باحثين عن إيجاد مغزى وإعطاء مغزى، الجميع ينشغل بهذا باستمرار حتّى ولو بدون وعي. ليس مفهوما بالنسبة لنا أن لايكون هناك مغزى ولدينا حاجة عميقة لاكتشافه. لقد بحث الإنسان عن المغزى في الأديان والفن والعلم. لكّن الأمر يتعلّق بتلك الحاجة العميقة. نبحث عن شيء يرفعنا عن اليوميّ لأنّنا لانريد الوجود فقط لاستهلاك أيّامنا. ــ الصحافي: 'من أين تأتي تلك الحاجة؟ ' ـ بول فان دير فيلده: ' الأمر يتعلّق بعدم الفهم المطلق ل