البحر الأبيض المتوســط و بحـــر الشمـــال

البحر الأبيض المتوســط و بحـــر الشمـــال--
وقفت أمـــام بحـــر الشمـــال وتذكرت كلامي. تذكرت حديثي عن البحر.
قلت أن البحار تختلف . ولو نطقت نورسة حلقت على لازوردي المتوسط وتأملت بحر الشمال لكانت أيدتني. بحر الشمال رمادي، لاتتمايل فيه زوارق الصيادين البسطاء.
يتماهى مع السماء المثقلة بالغيوم ويرمي أمواجه ثم يجرها بثقل. يحمل بواخر عملاقة وتطل عليه المداخن والمراوح الهوائية الجبارة. مشغول بالطاقة والاقتصاد والصناعة .وحين يلبس زرقته ويرتاده المصطافون يلاعبهم ينظر إلى طائراتهم الورقية الملونة تلاعب الرياح فوقه مبتهجة فيبتهج قليلا لكنه مثل مصطافيه يعلم أن المهام كثيرة وأن الوقت منفلت لامحالة.
على موانئه تصطف الشاحنات راحلة بالسلع وقادمة بالسلع .وتُطبع جوازات السفر،تزاحم الأختام الأختام. الأماكـــن ليســت هي نفسها الأماكن ولو حملت نفس السمــات.
بحـــر الشمــال ليس بحرا كالأبيض المتوسط ؛ إنه مختلــف ، يوصل إلى هامبورغ و لندن ولايأخذ إلى مليلية والإسكندرية وحيفا.
يعرف حكايات الغاز والثروة، ويهمس الأبيض المتوسط بحكايات الفنيقيين ، يحفظ كلمات طارق بن زياد. على مشارف بلاد الإغريق يسترجع الأبيض المتوسط رحلات أوديسوس ويرمي في أحلام الناس أحلاما. يهدهد الزوارق الصغيرة ويدفع أسراب السردين إلى شِبَاكٍ عتيق. على ضفافه المتفائلة يفرح الصياد ويلعب الطفل وتجمع صبية الصدف . ينشغل الوقت بالطموحات البسيطة وتضحك الشمــس ضحكة أطول، يحلو لها أن تستمتع بالكسل وتنسيها زرقة المتوسط زيارة بحر الشمال الحزين . قدر البحر الأبيض المتوســط أنه المفضل والأجمل وأنه حبيب الشطآن و الخلجان من صقلية إلى أعتاب غزة.
Nassira-- 2012