المشاركات

عرض المشاركات من 2016

أين يكون الشاعر عندما يكتب الشعر

أين يكون الشاعر عندما يكتب الشعر الجديد   نصيرة تختوخ  [نُشر في 01/12/2016، العدد: 23، ص(126)] http://aljadeedmagazine.com/?id=1767 من ضمن ما تتعرض له حنة أرندت  في كتابها “حياة العقل” خلاص الفيلسوف عبر الموت للتفرغ بدون أعباء الجسد لنشاط الذهن واستعمال الحواس لغايات أسمى أو أبعد من مجرد السمع أو النظر بطريقة متوحشة/بدائية، بدون انعكاسات على عملية التفكير والتحليل. الموت كفاصل بين الجسد، المتطلب للعناية وذي الحاجات البيولوجية، والذات المفكرة يتيح أيضا الغياب عن الموجودين المستهلكين للجُهْدِ في منأى عن الانخراط معهم في واجبات والتزامات. الحاجة للتفكير والفهم والاستيعاب ملحّة عند الفيلسوف. ومن سقراط الذي واجه الآخرين بالسؤال تلو الآخر وحرّك زوابع انتقادات وفوضى في الرؤوس مرورًا بمن دفعوا بعده بأجيالٍ عمرهم ثمنا لثمار فكرهم إلى الآن فإنّ استغراق الفيلسوف في نشاطه الذهنيّ وابتعاده عن مظاهر وممارسات اجتماعية، قد تكون من الأولويات عند غيره، لم يتغير. حنّة أرندت طبعا من أفضل من يمكنهم الحديث عن موضوع كهذا فهي صديقة هايدغر الحميمة وكارل ياسبرس. وهي التي اقتربت بعي

طغاة لكنهم شعراء

صورة
الكاتب يعترف بأنّ الكثير ممّا كتبه نيرون ضاع والأبيات التي قدمها لا تتجاوز سبعة أسطر، لكنه يستدل بشواهد تاريخية عن أناقة ما كتب.  العرب  نصيرة تختوخ  [نُشر في 2016/11/20، العدد: 10461، ص(12)] بول دامن وضع كتابا سيهتدي به الباحثون عن الوجه الآخر للطغاة زهور شرٍّ شيقة جمعها الكاتب الهولندي بول دامن ملفوفة بسيرٍ ذاتية ملطخة بالدّم، مستلهما من بودلير عنوان كتابه مع إشارة بالعبارة “قصائد دكتاتوريين”. قدّم الكاتب شيئا مختلفا عن ديوان الشاعر الفرنسي لكنه ذكّر ضمنيا بقول الشاعر “لا عظيم بين الناس إلاّ الشاعر والقسّ والجنديّ. الإنسان الذي يغنّي ويبارك ويضحّي حتى بنفسه. الباقي موجودٌ للسّوط”. وسمح بالتفكير في التقارب الموجود بين الدكتاتور والشاعر. ففي اللغة الهولندية ولغات جرمانية أخرى تشتق كلمة “ديختر” (الشاعر) من نفس الأصل الذي تشتق منه كلمة دكتاتور. كلتا الكلمتين تعودان للفعل اللاتيني المتعلق بالإملاء (أملى، يملي..) دكتاري الذي بدوره يعود لفعل القول (قال، يقول..) دكيري ، مع العلم أن الدكتاتور في روما القديمة كان المُعيّن في أوقات الطوارئ من مجلس الشيوخ للحكم وإملاء الأوامر

السؤال مثلا: مامعنى أن أحيا إنسانا؟

إذا تذكرنا هرم ماسلو و فكرنا في تطور الفرد و تركيزه على نفسه، ومحاولات تطوره تحت ضغط الجماعة قد ننتبه للأخطار المحدقة بمسار تحقيقه للهدف. ففي الأسفل ستبقى بلا شك الحاجات ( أكل، نوم، أمان) لكن الوصول لقمة الهرم أي تطوير الذات و المواهب الفردية مهدد عندما يتحول تحقيق النجاح وضمان المستقبل الجيد مَهَمَّةً و مرادفا لحفظ ماء وجه العائلة أو تجنيبها العار. ففي ثقافة الجماعة /ثقافة 'نحن ' هناك مسؤولية وتطلعات تضعها الجماعة(الأسرة، العائلة..) على عاتق الفرد تشعره بثقل دوره، وضِمنيا فإنها تجعله أيضا عرضة للمقارنات والتوبيخ و قد تهز صورته أمام نفسه إذا بدا أنّه يخيب الآمال. في مرحلة حاسمة من تكوين شخصياتهم يجد بعض المراهقين من أسر مسلمة في أوروبا نفسهم ضعفاء اجتماعيا من ناحية الإمكانيات المادية لأسرهم وأقل زادا من أقرانهم من أبناء البلد الأصلي من حيث اللغة وبعض المهارات التي يتطلب اكتسابها وعيا للمربين بها وبفضلها على تكوين الشخص كمواطن مُتفاعل في بلد ديمقراطي ومتعدد الثقافات. فالتربية والتوجيه بالأوامر وإقرار الصحيح والخطأ بطريقة سلطوية يجعلانهما قاصرين ويُشْعِرانَ بالاضطراب أمام

مع الفراشات وبينهاـــ نصيرة تختوخ

الساعة متأخرة لدرجة أني لاأتبين العدد الذي يشير إليه إصبعها الأنحف، أخمن أنه مائة وخمسون منهكٌ ومستريح على صفره ، أغادره إلى تاريخ اليوم فلا أجده. تخبرني الفراشات الملتصقة المبعثرة على جسدي أنّنا هربنا من الفستان وأنّنا في الموسيقى، علينا أن نستدير فقط مع الإيقاع لتنبت تفاصيل فصلنا المحبب، تُقنع الشمس بأن تعود. أبكي لذكرى آخرِ لقاءٍ لنا ونزول خيطها الذهبي على محيط رأسي؛ أشتاق. لا أحد لديه مايكفي من القلب ليحسّ بِرِقَّتي الكاملة وحالتي الدقيقة في الاشتياق. الفراشات اندهشت؛ قريبا تغير رأيها، تعود مرفرفة تتفرق على الفستان وغطاء السرير لكني أحاول من دون بيانو ولا كمان ولا خطّ لوني يمتد كشريط حريري يحركني، أتحرك. أتقدّم، أتأخر، أتأخر، أتقدّم أكثر في التأخر، أكاد أنسى وتعيدني الفراشات تتقدم تتأخر تتقدّم أكثر في التأخر ونسقط معًا لولاها، لولا أجنحتها التي تكبر. أبكي مجدّدا من أثر الجمال والقوّة على حواسي والجسد وأسمعها تواسيني خائفة على نفسها من المطر. أقابل كلّ تلك القُبَلِ التي تشير إليّ وتحيّيني كملكة عائدة ولاأفهم غير أنّي حافية القدمين أحتاج إلى حذاء أو حناء دافئة تلبس قدميّ، أرفض

حلويات للسيدة أسد ــ خلف خطوط النظام السوري ــ نصيرة تختوخ

صورة
حلويات للسيدة الأسد.. على أرض الشام تجتمع كل المفارقات | نصيرة تختوخ | صحيفة العرب (alarab.co.uk) شهران بِطُولِهِمَا في سوريا خلف خطوط النظام السوريّ قضاهما الصحافي روبرت دولمرس يتجوّل ويحاورُ و يسجّل ملاحظاته لينقلها  ككاتب محترف بما أوتي من حياد للقارئ فينقله إلى البانوراما السوريّة في أوقات الحرب وتناسل الجرائم. 'حلويات للسيدة أسد ' هو عنوان الكتاب الصادر أواخر أبريل 2016 والذي يرمز به روبرت دولمرس لعلبة الحلويات التي ابتاعها من إحدى محلات الشكولاتة الفاخرة في بلجيكا وأرسلها للسيدة أسماء الأسد وكان ينوي إجراء حوار معها ومع زوجها ما لم يتم، و إن كانت أُتيحت له فرصة متأخرة لذلك رآها لا تلزمه . دمشق التي تستمر فيها الحياة وتقاتل على تخومها قوات الأسد فيها النوادي اللّيلية المفتوحة وفئة من الحريّات مكفولة، تتعايش فيها الأعراق ويمارس كل شعائره حسب ما يناسبه لكن الخطّ الأحمر يبقى السياسة والتدخل فيها. صور الرئيس التي تصل حدّ النظرة الصارمة والوقفة الحازمة بالنظرات السوداء والحاضرة بقوّة ذكرت الكاتب كما صرح في بعض أحاديثه بالاتحاد السوفياتي سابقا. الموجوعون بسبب الحرب كما يب

أزرق‭ ‬الفنان‭ ‬وقيثارة‭ ‬الشاعر

صورة
أزرق‭ ‬الفنان‭ ‬وقيثارة‭ ‬الشاعر هناك‭ ‬مساحة‭ ‬حرجة‭ ‬ومُتَحدِّيَة‭ ‬يجتمع‭ ‬فيها‭ ‬المبدع‭ ‬والمتلقي‭ ‬تضع‭ ‬على‭ ‬كاهل‭ ‬الاثنين‭ ‬مسؤولية‭ ‬العملية‭ ‬الجمالية‭ ‬وانتصارها‭ ‬في‭ ‬المجتمع. ‬الإحساس‭ ‬بالتموضع‭ ‬فيها‭ ‬يستشعره‭ ‬المرء‭ ‬أكثر‭ ‬عندما‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬أساسيات‭ ‬المُنْجَزِ‭ ‬الإبداعيّ‭ ‬هو‭ ‬دفع‭ ‬الخيال‭ ‬نحو‭ ‬حدوده‭ ‬القصوى‭ ‬والزّج‭ ‬بالمنطق‭ ‬خارج‭ ‬حصانته‭ ‬لتعريضه‭ ‬لصدمة‭ ‬الجمال‭ ‬المبتكر‭.‬ الجديد  نصيرة تختوخ [نُشر في 01/05/2016، العدد: 16، ص(145)] http://www.aljadeedmagazine.com/?id=1463 ما ‭ ‬تستقبله‭ ‬الحواس‭ ‬من‭ ‬الفن‭ ‬ويُحدث‭ ‬ارتباكا‭ ‬داخليا‭ ‬ويدعو‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬الوعي‭ ‬والإجابة‭ ‬عن‭ ‬أسئلة‭ ‬من‭ ‬قبيل: ‬لمَ؟‭ ‬ولماذا؟‭ ‬وكيف؟‭ ‬يُشير،‭ ‬غالباً،‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬رهانٍ‭ ‬يتجاوز‭ ‬مجرد‭ ‬محاكاة‭ ‬الجمال‭ ‬أو‭ ‬صناعته‭ ‬إلى‭ ‬حمل‭ ‬الفكرة‭ ‬الجمالية‭ ‬والتعبيرية،‭ ‬شاقّة‭ ‬كانت‭ ‬أو‭ ‬ثقيلة،‭ ‬ومواجهة‭ ‬الواقع‭ ‬بانعكاسه‭ ‬أو‭ ‬قلق‭ ‬انعكاسه‭ ‬وتطوره‭ ‬معًا‭.‬ الأمر‭ ‬هنا‭ ‬ليس‭ ‬متعلقا‭ ‬بالحداثة‭ ‬أو‭ ‬رهانات‭

في النقيضين

اللّيل على باب القلب والقلب يضيء بما تبقّى فيه. القليل هو ماعنده، القليل الشّاهق،القاسي على نفسه، القليل النّفيس الذي يتبقّى ليقاتل  النّهاية. اللّيل قريب بثوب طويل رائحٍ إلى الماضي، لايأخذ ولايعطي فقط يُوقظ وينتظر.  لِيَنْتَظر. أعمى عمّا يأتي مُتَسَحِّبًا في الحُلْمِ، أصمّ عن موسيقى الدّقات الآتية من الدّاخل، أُمِيٌّ لايكتب بستانًا ويقولون: 'يالِيلْ' ، أسأله : 'هذه يدي، أين يدك ؟' الوقتُ قيثارتُه ،خرساء  يتركها، وينتظر.  لِيَنْتَظِرْ. سأُعلّمه قطرةً قطرةً أن ينتظر لَيِّنًا، أن يذوق بطبعه المُبْهَمِ طولاً آخر. أعلّمه شمعةً حارقة تقطر :إنتظر، إنتظر... حتّى يتبرعم في القلب مايكفي ليأويه ، لأُمَلِّكَهُ ظلامي، أنساني في ظلامه،  سينتظر.. ** الصّباح زورق  بات مع  زنابق الماء.  عندما يجيء  أقول  له : '' خذني ''. --Nassira--

أَنْ..

صورة
أن تضمّها كشال شيفون تبتلعه وردة القلب، تَنْسلّ خيوط الحرير والقُطْنِ منه أَصَابِعَ من عاطفتك تَكْتُب، قليلٌ منها.  أن يُسافر الصّمت بك، لاتراك ولاتراها، لا ترى الوقت، تستسلم لأرقِّ الرّهف يعبركَ وقد سَبَقَهُ الشّوقُ، حالة تحدث معها. أن تنظر إليها فترى نظرتها تفتح صباحًا على صباح ويكتنز الفراغ في فكرتك، ورطةٌ واحدة صغيرة. أن تحاول أن تبقى جادًّا فتقول حلوًا يشربه الهواء، حيلة هواء، لاذنب لها فيها. أن تنتظر ما لايأتي منها في موعده، ربّما من طبعها . أن تعرف أنّ عينيّ قلبها مضيئتين، لن يخفى عليك. جَمَعَتْ من النجوم مايكفي لتزرع رصيف الطريق إليها وستغامر بها جميعًا كي لا تضّل ✯ Nassira

عبور الشاعر إلى الغياب تدريجيا وحتّى النهاية--نصيرة تختوخ

صورة
  للوصول إلى " الحوض الأزرق" قطعت 247 صفحة منسجمة مع إحساس ورؤى الكاتب ــ الشاعر يوست زفاخرمان.   كتابه " صمت الضوء" الذي ينفتح أمامي كروح شفافة ومناضلة صدر في اليوم الموالي لانتحاره بتاريخ 8 سبتمبر 2015 واللوحة التي أشير لها واحدة من كثيرات يتعرض لهن يوست زفاخرمان كإنسان وكاتب عمود صحفيّ منتبه قادر على ربط التفاصيل بحيوية، وذكاء وكشاعر تخطر القصائد بباله لينضاف وزن الكلمات ودرجات رقّتها وعمقها لسلطة اللوحات في رحلتها التعبيرية أو التغييبية إذا راعينا نظرته للفن كوسيط للعبور إلى الغياب.     لم أقل بعد أن " الحوض الأزرق" لوحة يعود تاريخها لعام 1907 للفنان البلجيكي ليون سبيليارت (1881ـ 1946) وأن يوست زفاخرمان شاهدها في متحف " موــ زي " بمدينة أوستند الساحلية وإن فعلت الآن فلنقترب من الأزرق أكثر وأُنَبِّه لسطوة الرماديّ على ما سيحدث . كان ليون سبيليارت حسب مايروي عنه الكاتب والشاعر الهولندي شابا قلقا، ملاحقا بال

السّوريون يشربون كأس أَلَمِهِم ونوري الجرّاح يضمّهم والشّام تحت غشاء القصيدة-- نصيرة تختوخ

صورة
كتب الشاعر نوري الجراح قصيدة من الألم السوري المكشوف للعالم و ذاك المعتق في قلبٍ عميق. بأصابع تداعب بشرة الفاكهة الشامية أحيانًا وترتعش مغلوبةً مُرهفة أمام حمرة الدّم الدافئ على حافة الموت يصادفه القارئ يناسب حركتها وما تلمسه من حروف لتلتقي بإيقاع شفتيّ الشّام وتستوحي رسالتها. في واحد من أكثر مقاطع القصيدة توغلاًّ في الرّقة وإدراكًا لدرجة تداخل الإنسان الشفيفة مع مكان تشكّل معه وفيه يقول الشاعر: '' لَو كَانَ لِي قَدَرٌ سِوَى قَدَرِي/لَمَا أَحْبَبْتُ لِي اسْمَاً يُسَمِّيهِ/سَواكِ،/يَا شامُ./يَا أُخْتِيَ الصَّغِيرةَ، أَنْتِ/ يَا ضَوْءَ الْفَرَاشَةِ/فِي شِتَاءِ الَأَرْضِ،/ويَا دَمَ التَّارِيخْ.'' يسلّم الشّاعر كلامًا كهذا للإنسان والوقت السوريّ ينادي العالم كي يرى مع المشاهدة ، كي يبالي مع الاستماع ليرتبط كل رقم بحياة ٍوإنسانٍ مماثل وُلِدَ في بقعة جثمت عليها السلطة كأشجار باوباب ضخمة مستعدّة للتعمير طويلا وإيثار الخراب على اقتلاعها. إنّه يصف هؤلاء السوريين الذين تتناسل صورهم هائمين على وجوههم ليُقبلوا حينا أو يقابلوا بالرّيبة والشتائم أحيانا أخرى ويُخاطبهم بتعا

ماود فانهاورت--نحن متوازيتان --ترجمتي

صورة
تأتي امرأة إليّ تقول لي: ' نحن متوازيتان ، نلتقي في اللاّنهاية، اتركينا نركض '. أ ننتظر؟ أ ننتظر حتى يكبر الأطفال ويحمّر التوت، لازال شاحبًا جدًّا، صغيرًا جدًّا وصلبًا جدًّا. أ  ننتظر حتّى يهبط المساء واللّيلة التي نريد أن ننامها مرّة أخرى. تعلّق ذراعها في ذراعي حتّى يتشكّل رمز اللّانهاية. أ  ننتظر خطوة    أولى عملاقة لدرجة تسمح بشدّ خيمة بين ساقينا بيُسر. يخيّم الأطفال الجدد فيها وينضج التوت ولاأحد بعد يقدر على مغادرة الصيف. ونركض. نلوّح بذراعينا مقاسا يناسبنا. ماود فانهاورت شاعرة بلجيكية--