التميز والتساؤل مع' أنا وإيرل والفتاة التي سوف تموت '

" أنا وإيرل والفتاة التي  سوف تموت " كانت الرواية الأمريكية التي ألّفها جيسي أندروس وعرفت طريقها للقراء عام 2013 وأصبحت بجهد وموهبة المخرج ألفونس غوميز ريخون والطاقم المتعاون معه فيلما بديعا أخذ من الرواية أحداثها الأهم وأعطاها بإبداع الصور والحوارات وأداء الممثلين حياة وأبعادًا أكثر.
ريتشل المصابة باللوكيميا تحتاج  لمن يواسيها ويسلِّيها و ليست هي من يطلب ذلك بل والدة غريغ (كوني بريتون) التي تدفع إبنها  كصديق طفولة سابق ليفعل فيشاركها الأب الغريب الأطوار (نيك أوفرمان ) في الإلحاح والدفع في نفس الاتجاه.
غريغ (طوماس مان) يلبي رغبة والديه ويجد نفسه شيئًا فشيئًا يتعود و ينسجم مع ريتشل(أوليفيا كوك). يتعرف على وساداتها الكثيرة وتفاصيل غرفتها الزاهية التي ينتبه لها فيتحدث عنها وأخرى نكتشف معه دورها في آخر المَشَاهد. إنّه يستخدم فكاهته الفريدة ويجعل صديقته المريضة تضحك ويقرب المتفرج من سمات الصداقة الأدقّ. يهمل دراسته ولايهملها ويعرِّفُها بصديقه إيرل (رونالد كايلر II) لتكتشف فيما بعد الهواية التي تجمع خيال الاثنين وترافق يومياتهما منذ سنوات.

ينكشف من خلال طباع الثلاثة أنّ لا عيب في الاستثناء ولاغرابة في الحفاظ على هواية بعيدة عن اهتمامات الآخرين. ريتشيل تستمع بأفلام الصديقين مما يحفز صديقتها الجميلة ماديسون لتطلب من الاثنين إنجاز فيلم خاص يُهدى لريتشيل يسعدها ويخفف عنهاويبدأ صنع مفاجأة مهددة بالإخفاق.
أثناء إنجاز الفيلم الذي يبدو وكأنه سيكون إلصاقا لمقاطع متفرقة وعلى امتداد الفيلم الأصلي تظهر القيمة المضافة للفكاهة وكذلك جمالية اللمسات الفنتازية  التي دعمتها الدّمى والصور المتحركة فحادت من حين لآخر عن الواقع دون أن تُفْقد القصة جوهرها وعمقها. دور كل ممثل في الفيلم يبدو داعما ومكسبا له وإن كانت البطولة للأصدقاء الذين يشير إليهم العنوان. فالشخصيات التي ظهرت بطباع استثنائية ساعدت على الخروج من مأساوية الحدث إلى الواقع الحيّ المستمر بعيدًا عن المثالية وبما يلزم لتفادي الرتابة.  
مواجهة المرض ومعاناة المريض و نضال محيطه معه أمور لطالما تناولتها الأفلام السينمائية لكن " "غريغ وإيرل وريتشل" ثلاثيّ خلاّق أعطى الصداقة بجِدَّةٍ شكلها الجميل والمتين القادر على الاستمرار مهما كانت الظروف. تأتي النهاية موجعة ومع ذلك لاتخلو من الانتصارات الإنسانية فالآخر قبل أن يغيب كان ، ترك لمساته الخاصة وأشياءه الحميمية والأبقى بصمات حضوره على جدار القلب.
الفيلم حصل على جائزتين في مهرجان سندانس للفيلم  ومخرجه ألفونسو غوميز ريخون أهداه لوالده الذي توفي قبيل الشروع في إنتاج الفيلم و بما فيه من بذل وتميز يكون أهداه للسينما الجيدة عامة.  تبقى مسألة  تثير تساؤلا غير لحوح ولاينتقص من قيمة العمل: إبراز انتماء ريتشل الديني وظهور الكيبوت(أغطية الرأس اليهودية ) في آخر الفيلم هل كان إضافة مفيدة أم أخذًا بعادة أرهقت مايكفي من الأفلام.
Nassira 3-10-2015