المشاركات

عرض المشاركات من 2017

....جدّتي، جدّتي...

يصيبني ذلك الحنين في المساء وأنا عائدة وفي الصّباح الباكر، أحيانا الباكر جدًّا، كأنّ الجدّة التي كانت تنام غير بعيد عنّي لتوّها استيقظت وأنّي سأقوم لأتبعها، وأعرف أنّ الجوّ بارد وأنّ الصّقيع زجاجيٌّ جميل على النباتات، وبالأمازيغية اسمه يكاد يتكسّر وينزلق 'أزريش'. أمّي تتمنّى أن نبقى دافئين في الفراش، كما كانت تتمنّى في ظهيرة الصّيف أن نحتمي من الشّمس والحرّ في القيلولة، لكّن القرية مفتوحة وكلّ الحقول مباحة لنركض من الزيتون إلى اللّيمون والبرتقال ومن مساحات أشجار المشمش حتى سطر أشجار السّرو. أشجار الرّمان كان منظرها فوضويا، كأنّها غير مهمّة حتى تنطق بأزهار مدهشة يبقى منها تاج الرّمانة أو فمها، أيّ عجب! حالةٌ خاصّة هي الرّمانة وبذلك الثوب الفاصل في الدّاخل ثمرة أنثى. رائحة الحطب يحترق دليل على أنّ النّار في مكان ما، أنّ إحدى العمّات قد استيقظت وأنّها تعدّ الفطور، أنّ الحليب دافئ والخبز دافئ وأنّ الجدّة قد تكون بمنتهى السّرية أوصت لتكون في الفطور أشياء نحبّها أو تجعلنا نحبّها وهي تقشّرها لنا أو تقطعها أجزاءً كأنّها تُطْعِمُنَا لنكون ونَصِيرَ كبارًا، نصير فخرًا. لاأعرف عن ج

القصيدة تستمّر نحو غدها( الخروج من شرق المتوسطّ للشاعر نوري الجرّاح)ــ نصيرة تختوخ.

صورة
القصيدة خروج الشّاعر من الصّمت الذي كان فيه منغلقا على أناه، آمنًا في الوحدة، إلى التّحركّ صوتًا بالكلمات التي يتصرّف بها، و حديثًا لانشعر أنّه يُنْشِئُ ويتعمّد الترتيب بل يَصْدُرُ عَنْ صَوْتِهِ ومن كلماته. الصّمت الذي يقول عنه الشّاعر بييرـ ألبير جوردان:' الصّمت غرفتنا منذ الأزل/ الوَحْدَاتُ لاتُبْلَغْ /إلى بتمزقّات متعدّدة/ وإنّه بلا شكٍّ المعنى النّهائيّ/ لِنَفَاذِ الأرض البطيء إلى أجسادنا.' عندما يغادره الشّاعر فإنّه ولاشكّ يغامر بِطَاقَةٍ كَبِيرَةٍ وبِقَصْدٍ ودون قَصْدٍ يعرض شفافيته، التي قد تفاجئه هو أيضًا، بحكم أنّ لاأحد يعي تمامًا كُلَّ مايتوارى بداخله. الذي يجعل مغامرته تستحقّ التّقدير والامتنان هو الالتقاء بالآخرين الذّين يَسْمَحُ لهم بالرؤية معه وإن كان ذا موهبة، أصفها بالمصيرية، فإنّه لايكرّر بل يُضِيفُ ويُطَوِّرُ وفي الشِّعْرِ يناسب جدًّا أن أقول يتحدّى. من سيصرخ باليأس ذاهبًا إلى نهر النّور إن لم يكن الشّاعر؟ سيقول أحدٌ ما الموسيقيّ والفنان التشكيلي وأعيد أقصد يصرخ بكلماته التي تَحْفُرُ وسافرت وتترك أثرًا وإن كانت غريبة عن بعضها تصير بحياةٍ جديدة تقبل أدوار

أركضي ياريشتي ــ مارسلين ديبورد فالمور (ترجمتي )

صورة
أركضي ياريشتي، أركضي: تعرفين جيّدًا من يأمرك. أتوسّل موهبة متعاطفة أن تضفي على عملك جاذبية الخيال الغامضة، فلا يعرف أيّ أحد مصدر مجهوداتك ولا الحمّى التي تقودك: إنّ المصادر التعيسة تنفّر. لتكن روحي مفتوحة لنظرة الخالق فقط. أتركيها وحيدة في ليالي الأرق: إنّها لاتبوح بسبب جدالاتها مع الأرض. يعرف الإله بأن لذلك السبب المقدس الأمل المعلق بالدخول يوما في سمائه، كما يدخل طفل بيت أبيه. الطفل العاقّ عانى قبل أن يرى باب الأمّ يفتح أمامه مجدّدًا: لولا دموعه المرّة هل كان ليعود ؟ أركضي إذن ياريشتي، أركضي: تعرفين جيدا من يأمرك. أُسَلِّمُ لك ساعاتي، لتترك، من خلالك، أثرا ضعيفا لمرورها في الحياة. عندما ستعبر الحشد، على جناحيّ أساي إذا صُرِخَ:' ليس لديها نَفَسٌ.' قولي أنّ الجُدْجُدَ المختبئ في حقول القمح يؤلفّ أيضا موسيقى ضعيفة. لكّنها ليست بدون لطافة وسط الضجيج الفاخر بروائع الطبيعة؛ أجيبي من أجلي بما أجاب الإله من أجل الجدجد:' اتركوا جدجدي يغني، إنّي من وضعه حيث يغني. لاتعارضوه في حصّته غير الملحوظة وسط الحصاد الشاسع الذي تجعله شمسي يصفّر وينضج من أجل الجميع.' أركضي

أمور موندي/حُبُّ العالم --نصيرة تختوخ

صورة
في البداية أود أن أشير أنّ الهدف من هذا المقال ليس فقط تسليط الضوء على كتاب المفكر البلجيكي بيتر فينمانس،الصادر عام 2016، الذي يحمل العنوان اللاتيني ' أمور موندي ' أيّ حُبُّ العالم، ، بقدر ما هو رغبة كأنها واجب لتذكير القارئ  بأنّه من العالم وبأنّ وعيه بذلك يجنبه الوقوع في تجارب مسبوقة بنفس درجات الخطأ والملابسات. إنّه يؤهله للاستفادة والفهم والارتقاء والتصحيح ويجعل العلاقة التي تربطه بالعالم أسمى وأجدى وأكثر رشدا عندما تكون علاقة حبّ. مقابل الحبّ هنا لا توجد الكراهية تحديدًا بل اللامبالاة واللاّوعي أو نقص الإدراك الذي يضيق مجال الرؤية ويرسم حدودًا لعالم الفرد ومن حوله جدارٌ يتحرك العالم الواسع خارجه وكأنّه بعيد ومنقطع والواقع يحتّم الاتصال رغم ظاهرية الإنفصال. يبدأ الكاتب أولى فصول كتابه بالحبّ في المسيحية الذي يأتي موجها مباشرة إلى العالم لكنه ينساق من حب الإله ' أمور ديي ' إلى ' أمور موندي '. ويجنح في اقترابه من تدرج الحبين إلى واجب ' حب ذي القربى ' المنصوص عليه في المسيحية واليهودية التي سبقتها مع الاختلاف في كون مفهوم القريب مع المسيح صار أوس

اللّيلك

صورة
مزهرية قديمة من المعدن المطليّ أو زجاجية شفافّة عامرة باللّيلك يمكنها أن تقول طوال اليوم أنّها لاتخاف، أنّ الوقت عاديّ يذهب مع الفراشات ويأتي بالفراشات تحمل على سيقانها أسرار الأزهار والحميميّة من كؤوسها.   ''كثيرٌ من الأعوام تعودّت على الرّحلة الصّامتة تُسَجَّلُ  قد ذهبت وتحبُّ أن تسكن. تتحركّ في الغياب. الفراشات لم تكن قطّ وحيدة.'' ربّما يبوح لبعضه اللّيلك.  من سيقطف الباقات البيضاء والبنفسجية والأخرى المدهشة ذات الطّبع المفاجئ، سأحملها عنه وأمشي بها بين ذراعي وصدري. تُقْرِئُ قلبي  دقّاته.  يمر بالمحطّات: حُلْمٌ، حُلْوٌ،غيمة فعودة. اللّيلك  في  المقهى. النّادلة تحاول ألاّ تتأخّر ،  إيقاعها لاهث ،  الحُمْرَةُ على الحلوى من التّوت والسّواد من العلّيق، الباقي ممّا اكتسى بتفاصيل بنيّة كلّها من الكاكاو مسافرة مع نكهة الفانيليا ،  لو انتبهت وهي تسجّل الطّلبات لكانت لمحت بداية رسالة. عن الوقت، دائما، الذي تصير فيه السّنديانة طاولات في المقهى والحليب والسّكر وردة ،  كيف يكون مناسبًا عندما لانكون خائفين، نرى الإنسان ويرانا ونعذر أخطاءه، لانتوقع منه أن يكون مثاليًّا ونُمْه

السلحفاة الحمراء' فيلم لا يلوثه الكلام والبلاغة فيه للصورة

صورة
عالم لا يلوثه الكلام وتاهت عنه النوايا السيئة، فيه الذكر والأنثى من الإنسان يتعايشان مع كائنات أخرى تسبح وتطير، تزحف وحتّى تلعب كما يبدو أنها تُحب، وخلف رغبتها مبدع شاء لها أن تبقى طفلة، وموسيقى ترافق غياب الكلام، وحركة الكائنات تتغير معها الألوان، وهو ما جاء في فيلم “السلحفاة الحمراء” للمخرج الهولندي مايكل دودوك دوفيت. العرب  نصيرة تختوخ  [نُشر في 2017/01/13، العدد: 10511، ص(16)] بلاغة الحركة والصورة في غياب الكلام فيلم الرسوم المتحركة “السلحفاة الحمراء” الذي أنتجته أستوديوهات “جيبلي” اليابانية الشهيرة بالتعاون مع المبدع الهولندي مايكل دودوك دوفيت وفريق عمل تنوعت جنسيات المشتركين فيه، زمنه ثمانون دقيقة، وعمر الاشتغال عليه سنوات، حاول خلالها فريق الفيلم إتقان الحركة وتناغم المشاهد وأخرجوا فعلا عملا استثنائيا يمكن تصنيفه بالمتكامل ذي الرهان الذي يناسب الفن الجديد. ففي عصر التطور التقني وتعقد مستويات الحياة وقدرة الفنون الأولى على الانسجام أصبحت الفرص مواتية لتجديد الفنون وجعلها أكثر كرما وقوّة وقبولا وتحمّلا للتحديات. بداية العمل جاءت بمبادرة المنتجين اليابانيين إيزاو طاك