مقاطع وفقرات أترجمها من كتاب التطهير العرقي في فلسطين للبرفسور إيلان بابي Ilan Pappe

بعد الهولوكوست بدا مستحيلا إخفاء جرائم وتجاوزات ذات نطاق واسع عن الإنسانية .لقد جعل التطور الكبير الذي عرفه الإعلام الإلكتروني وطريقة استخدامه والتواصل من خلاله إخفاء الكوارث الناجمة عن تصرفات البشر أوالتنكر لها استحالة .
لكن رغم ذلك فإن جريمة كبرى على هذه الأرض أُخفيت و غيبت عالميا عن الذاكرة الجماعية :' سلب إسرائيل فلسطين عام 1948' هذا الحدث جد المؤثر في التاريخ المعاصر لدولة فلسطين يُتنكر له بانتظام و من وقت حدوثه وليس معترفا به لحد الآن كحقيقة تاريخية ناهيك عن الاعتراف به كجريمة تستحق المتابعة سياسيا و أخلاقيا.
التطهير العرقي جريمة ضد الإنسانية والأشخاص المتسببون والمتورطون فيه يعتبرون مجرمين عليهم المثول أمام محاكم خاصة .ربما يكون من الصعب أن نقرر كيف نتعامل قانونيا مع من تسببوا في التطهير العرقي في فلسطين عام 1948 سواءا تخطيطا أو تنفيذا لكن من الممكن تدوين جرائمهم، بإسترجاع أحداثها وتسلسلها وبنائها، في تقرير تاريخي أدق من كلما وجد من قبل وكذلك اتخاذ موقف أخلاقي صادق.
إننا نعرف أسماء الذين تواجدوا في غرفة الطابق العلوي من 'البيت الأحمر ' مِن مَن جلسوا بالقرب من صور تمثل 'اليهود" الجدد الأصحاء ،المفتولي العضلات المصوبين لأسلحتهم نحو"الأعداء العرب الدخلاء وأمامهم شعارات على النمط الماركسي بعبارات قتالية مثل':إخوة السلاح "و "القبضة الفولاذية" كلهم معروفين واحدا واحدا هم من ذوي الثقة من البانثيون البطولي الإسرائيلي وأغلبهم كان على قيد الحياة حتى وقت قريب ونشط في أدوار سياسية واجتماعية ريادية .

منذ حوالي الثلاثين عاما بدأ ضحايا التطهير العرقي يحاولون إعادة بناء الصور التاريخية التي حاولت القراء ات الإسرائيلية لأحداث 1948إقصائها و إخفائها وإبعادها قدر الإمكان.
ماحاول المؤرخون الإسرائيليون تصويره بأنه رحيل طوعي لمئات الآلاف من الفلسطينيين لتحل جيوش عربية مكانهم لتدمير الدولة اليهودية في طور النشوء عرف مؤرخون فلسطينيون في السبعينات تصحيحه إلى حد بعيد وعلى رأسهم وليد خالدي وذلك بجمع تقارير شهود العيان والوثائق التي تثبت ماحدث لشعب فلسطين.
لكن سرعان ما غلبت عليهم ظلال منشورات ومؤلفات كتلك ل دان كورزمانس 'جنسيس 1948'الذي صدر عام 1970والذي أعيد نشره عام 1992بمقدمة من واحد من منفذي التطهير العرقي في فلسطين 'إسحاق رابين' والذي كان حينها الوزير الأول ل'إسرائيل'.

***************************************
مصطلح النكبة يضع الثقل على ماحدث أكثر من وضعه المسؤولية على المتسبب فيما حدث.
لقد استعملت الكلمة بشكل مفهوم كمحاولة للتعويض وكابتعاد عن مقارنة ماحدث للفلسطينيين بما حدث لليهود في الهولكوست أو الشوا والأكيد أن المصطلح 'نكبة' ساعد في التنكر المستمر للتطهير العرقي في فلسطين عام 1948وفي الإبقاء عليه.
 إن التطهير العرقي هو استراتيجية واضحة من مجموعة من الناس لإقصاء مجموعة أخرى غيرهم من مكان ما على أسس دينية أو عرقية أو وطنية .
استراتيجية كهذه تتضمن عنفا و تكون مرفوقة بعمليات عسكرية . إنها تتحقق بوسائل شتى من العنصرية حتى الاقتلاع وترافقها تجاوزات لحقوق الإنسان وخرق للمواثيق الحقوقية الدولية..أغلب طرق التطهير العرقي تجاوزات صارخة لاتفاقيات جنيف لسنة 1949وللبروتوكولات الإضافية لعام 1977"
التعريف ل Drazen petrovic من الجريدة الأوروبية للقانون الدولي لعام 1994
*****

يستهل إيلان بابي الفصل الأول من كتابه بالتعريف أعلاه.
من الفصل الأول أيضا:
تعرف إنسكلوبيديا هوتشنسون التطهير العرقي بأنه الإقصاء بعنف لسكان منطقة مختلطة ما أوضاحية ما بغرض خلق توزيع ودمج جديد للسكان.
إبعاد الساكنة يكون بشتى الوسائل حتى تلك الغير العنيفة مثل ماحدث لمسلمي كرواتيا حين رُحلوا بعد اتفاق دايتون لنوفمبر عام 1995.
إلى هذا التعريف يضيف أخصائيو وزارة الخارجية الأمريكية أن محو تاريخ منطقة ما بكل الوسائل جزء أساسي في التطهير العرقي ،وأن أكثر الطرق المستعملة للتطهير العرقي هي اقتلاع السكان الأصليين في جو يبيح الاعتداء والانتقام .
وزارة الخارجية الأمريكية كانت تنظر حينها بشكل خاص لما حدث في مدينة بيك غرب كوسوفو عام .1999
تم إخلاء بيك پيچوإقصاء سكانها في مدة 24ساعة ،ما لم يكن ليحدث لولا تخطيط مسبق وتنفيذ منظم.
كانت هناك أيضا عمليات تصفية وقتل لتسريع الأمر.
ماحدث عام 1999 في بيك حدث بنفس الطريقة تقريبا في مئات القرى الفلسطينية عام 1948.

يقول الكاتب إيلان بابي:'هذا الكتاب كتب بعميق القناعة بأن التطهيرالعرقي في فلسطين عليه أن يتجذر في ذاكرتنا ووعينا كجريمة ضد الإنسانية وأنه يجب أن يخرج من إطار أنه مجرد تصور لجريمة.ذلك أن المجرمين في هذه الحالة ليس من الصعب الإشارة إليهم، إنهم ينتمون لمجموعة محددة 'لأبطال إسرائيل المستقلة' والذين سيكون على معظم القراء من اليسير التعرف على أسمائهم.
اللائحة تبدأ باسم الزعيم الصهيوني الذي لاجدال عليه ديفيد بن غوريون والذي جرت في بيته أوائل وأواخر التخطيطات لسلسلة حلقات التطهير العرقي.
كانت ترافقه مجموعة صغيرة سأ رمز لهاب ' المجلس' مجموعة إجتمعت خصيصا للتخطيط لإقصاء الفلسطينيين .
في واحدة من الوثائق النادرة التي ذكر فيها اجتماع 'المجلس' سمي پلجنة تقديم النصخ حاڢياداه حامييازيث.
الأعضاء الأحد عشر الذين وردت أسمائهم في إحدى الوثائق أيضا تم إسقاط أسمائهم بسبب الرقابة(لكني تمكنت من إستنتاجها كلها كما سيتضح )'
اللجنة كانت تعد مخططات التطهير العرقي وكانت تتزعم تطبيقها حتى تم إقصاء نصف شعب فلسطين.
إنتمى للمجلس كبار ضباط الجيش الإسرائيلي لاحقا مثل الأسطوريا ييغائيل يادين و موشي دايان وإلى جانبهم وجوه لم تكن معروفة خارج 'إسرائيل' لكنها ترسخت في الحياة الداخلية مثل يجائيل آلون وإسحاق ساديه.
هؤلاألعسكريين كانوا على اتصال بمن قد نسميهم الآن بالمستشرقين وهم متخصصون في العالم العربي عامة و فلسطين خاصة بعضهم آت من بلدان عربية و بعضهم علماء تخصصوا في الدراسات الشرقية(سيأتي ذكر أسماء بعضهم في الكتاب لاحقا).
الضباط و المتخصصون كان إلى جانبهم قادة لمناطق محددة مثل موشي كالمان الذي قام بالتطهير العرقي في نواحي صفد وموشي كرمل الذي تكلف بالتطهير العرقي في منطقة الجليل
وكان إسحاق رابين ناشطا في اللد والرملة وفي منطقة القدس الكبرى.

إلى القادة الجهويين يضاف أيضا شيمون أفيدان الذي تولى مهمة التطهير العرقي لجنوب فلسطين والذي قال عنه زميله ريحفام زييفي سنوات بعد ذلك :'القادة مثل شيمون أفيدان ،قائد لواء جيفاتي ،طهر جبهته من من عشرة مدينة و قرية'كان شيمون أفيدان مرفوقا ب إسحاق بونداك الذي صرح لصحيفة هائيريتز سنة 2004:'لقد كان هناك 200قرية ،في الجبهة ، إختفت كلها .
كان علينا تدميرها وإلا كان سيكون عندنا أيضا هناك عرب ،مثل ماكان في الجليل، كان سيكون عندنا 1مليون عربي إضافي'.
 



ضباط المخابرات في الساحة أيضا، لم يجمعوا المعلومات عن' العدو' فقط و يلعبوا دورا رئيسيا في التطهير العرقي بل ضلعوا في بعض العمليات العنيفة التي رافقت اقتلاع الفلسطينيين و إقصائهم.
كان لهم في نهاية المطاف أن يحددوا أي القرى يجب أن تُدمر ومَن مِن القرويين يجب إعدامهم.
في ذاكرة الفلسطينيين الناجين كان هؤلاء الضباط من يقرر مصير السكان بعد سقوط القرية أو الحي، هم من كانوا يخلقون الفرق بين الحرية و الموت والحياة.
في سنة 1948كانت المخابرات تحت يد إيسار هارل من صار لاحقا رئيس الموساد و الشاباك مخابرات 'إسرائيل'.
كان إيسار هارل كولونيلا متواضعا عام 1948لكنه كان الضابط الذي يقود عمليات الإستجوابات واللوائح السوداء وطرق الضغط و الاستنطاق التي مارسها الإسرائيليون على الفلسطينيين.
وعلينا أن نذكر ونكرر مجددا أن التطهير العرقي حاليا سواء ا نظر إليه من الناحية القانونية العلمية أو من زاوية فكرة الرأي العام يرى بلا جدال كجريمة ضد الإنسانية مرفوقة بجرائم حرب وأن المتهمين بالتخطيط له وتنفيذه يجب أن يمثلوا أمام محاكم دولية.