المشاركات

عرض المشاركات من 2018

إحتمالات أكثر من الأسود والأخضر

على إصبعي جرح يشبه الأَلِف، سبَّبته حافة معدنية لسدّادة قنينة زجاجية. كنتُ أريد أن أملأها بزيت الزّيتون وأضعها في ركن تذهب إليه نظرتي وعوض أن يكون عديم التّصرف يظهر فيه لون الزّيت السّاكنة، لونها العميق. أتذكّر وقفة أشجار الزّيتون و كلمات أمّي عنها:' شجرة الزّيتون لاتُسْقِطُ أوراقها ' .أتذكر تلك اللحظة الغريبة حين تنطق أمّي بكلامها وأكون أنظر إلى الأوراق ولاأراها جميلةً، لا تعرف كيف تلعب مع الرّيح والضّوء كأوراق شجرة الحور. أشجار الزيتون على أطراف البستان وظهور الأرض أو حتّى في مركزٍ لاتبدو معنية بما حولها كثيرا، كنت أرى ثمارها وأنا طفلة وأكادُ أقول : 'ماهذا؟ لمَ هذا؟ ' وداخليًّا أفكّر أنّها ليست شجرة تجعل المرء سعيدًا. عندما كنت أراهم يجنون زيتونها ببهجة؛ لم أكن أبتهج إلاّ قليلاً؛ الاختلاف في الحجم واللّون و الاحتمالات الأكثر من الأسود والأخضر كانت تحمسني قليلا فقط؛ تلك النّشوة في الجني لم تكن تملأني وتلك الرّحلة الطويلة للثّمرة كي تصير نافعة كانت تشعرني بالاستغراب. الصّلابة في النّوى و الأكياس التي رأيتها مرارا موضوعة ثقيلة وكلّ ذلك الضّغط من أجل صحن صغير ع

قصيدة للشاعر كييس نوتبوم -Cees Nooteboom ترجمتي

بدا الأمر بسيطًا للغاية، البيتُ كفضاء، أنت أرضٌ وأنا قمرٌ أحاديّ المعنى، مرئيٌّ ثمّ غير مرئيّ مجدّدًا، لكّن دائما حولك. كنتُ الضّوء للشّعراء والصّيادين الذين أرادوا الإنتماء إليكِ، حدّدتُ البحر كحركة ، هكذا حاذيتُ كلّ ساحلٍ كاشتعالٍ، مفكّرًا دائمًا فيكِ، سماءٌ كجسدٍ، معًا ودائما وحيدًا، وللأبد ذهابٌ وإيّابٌ.

إلى ميساء البشيتي ـــ 'ضوء رقيق '

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                ،عزيزتي ميساء إنّه صباح من ذَهَبٍ. الشّمس تحمّم الجوّ بضوء استثنائيّ، رقيق وقاهر. الأوراق الحمراء حينا، البنيّة والصفراء أحيانا تطير طيرانها الأخير مترنحّة كأنّها غير مبالية تمامًا بمغادرتها. كأنّها فقدت إدراكها بسعادة الموتِ في ضوءٍ خلاّب. فتحت الباب لأطمئن على البنفسج. لم ينتظر حتّى أن أسأله إن كان بخير. رَدَّ بجمال شديد. ذلك اللّون الذي كانت تلبسه البنفسجة في الوسط لوحده لو رآه كريستيان ديور للفّ حول نفسه في النور كالدّراويش ولصمّم بعدها للنّساء أزياء دافئة مثل القرفة، ناعمةـ ثقيلة ومنسدلة. عندي ذوق خاصٌّ في الضوء، لم نتحدث من قبل في هذا، في انسياب كميته و زاوية انبعاثه. الذي تفعله الشّمس اليوم أنّها تعزفه . الكائنات والأمكنة تأخذ عنها الضوء موسيقى، تتشربها بخشوع. صدقيني إن

أوكتاف ميربو جريدة صدى باريس 31 مارس 1891--عن فينسنت فان خوخ--(ترجمتي)

صورة
الرجل الذي يبذرـ فان خوخ كان فان خوخ من أصل هولنديّ، من وطن رمبرانت الذي يبدو أنّه أَحبّه وأُعجب به كثيرًا. بمزاج بتلك الأصالة الغزيرة وبذلك الاندفاع وبتلك الحساسيّة الجماليّة العالية التي لاتقبل كدليل إلاّ الانطباعات الشخصيّة، إذا أمكن أن نمنح سلالة فنية، فيمكن ربّما أن نقول أنّ رمبرانت، الذي كان من أكثر من يشعر فان خوخ بالانبعاث فيهم، كان جدّه الأعلى في الميل. لانجد في رسوم فان خوخ الكثيرة أيّ تشابه مع رسوم رمبرانت لكننا نجد حبًّا عظيما متضايقا من تكرار الأشكال و غِنًى خَطِّيًا مشابها في الابتكار.  ليس  لفان خوخ  دائما نفس تصحيح ولا تقشف المعلّم الهولنديّ؛ لكّنه يصل غالبا إلى بلاغته و قدرته الخارقة على إعادة الحياة. عن طريقة إحساس فان خوخ، لدينا دليل محدّد جدًّا ودقيق جدًّا: إنّها النسخ التي أنجزها عن لوحات رمبرانت ودولاكروا وميليه. إنّها مثيرة للإعجاب. لكننا إذا تحدثنا بنزاهة فإنّ تلك الاستعادات الفخمة والغنية ليست نسخا. بل بالأحرى تأويلات، ينجح الرسام من خلالها بإعادة خلق أعمال الآخرين، وجعلها خاصة به مع حفظ روحها الأصلية وطابعها الخاص. الرجل الذي يبذر- ميليه في