عن الحقائق اليومية الأخرى التي لا تخدش الحياءـــ نصيرة تختوخ

ينسى الكثير من العرب الذين يثيرون كلّ مرّة ضجات إعلامية حول تصريحات أو مشاهد أو تصرفات تتعارض مع دينهم وأخلاق مجتمعاتهم أنّ معظم واقعهم يتعارض مع مبادئهم الدينية والأخلاقية.
ليس من علامات الأخلاق والشرف أن تكون نسب وفاة النساء أثناء الولادة في بلدانهم مرتفعة وليس من الخلق الرفيع أن نرى مجانينهم ومتسوليهم يجوبون الشوارع، وليس من إرهاصات الأخلاق  في شيء أن يصبح الغش في الامتحانات وأمور أخرى كثيرة ظواهر في بلدان عربية ...
لايتذكر العربيّ عندما يهيّجه الإعلام أن العربدة على المراقص أو الكلام عابر أو المشاهد، التي إن تجاهلها ربما لن يكون لها أثر يُذكر، لاشيء مقابل العربدة اليومية التي يظل عرضة لها . فقد تبدأ بعد استيقاظه بقليل أو قبله ترافقه حتى نهاية اليوم. يكون مثلاً من سكان حيّ شعبي فيأتيه الضجيج لايراعي رغبته في إراحة جسده.  يسمع  جيرانه فرحين  أو متخبطين في شجاراتهم أو متسامرين بسعادة عالية ويكون نومه قربان انفعالاتهم دون أدنى اكتراث منهم.
تواصل مفاجآت الصباح دورها معه بحوادث لايد له فيها كانقطاع الماء أو الكهرباء أو مقابلته  لمحتوى حاويات قمامة مسكوبة على الرصيف. إذا تنقل في  في وسائل نقل عمومية فاحتمال أن يكون  ضحية ازدحام تنفلت فيه الأعصاب وينطلق فيه الكلام القبيح يظل واردًا وإن كان محظوظا بسيارته الألمانية أو الفرنسية أو اليابانية التي يحب فإنّ عليه محاولة الإبقاء على انتباهه كاملاً لأنه بالتجربة تعلم أن الكثيرين غيره لايحترمون قانون السير أو بتعبير آخر أخلاقياتهم الطرقية ضعيفة إلى منعدمة. شرطي المرور أو الدركيّ الذي قد يصادفه قد يكون عاملا حريصا أو متغاضيا بامتياز أو مبتزًّا وذلك أمر حُسِبَ حسابه أم لا يحسب يبقى رهين مجرى الأقدار.
المواطن المذكور حتى وإن احترم مواعيده فذلك لن يحميه أبدًا من التعامل مع من لايحترمون مواعيدهم أو من لايحترمون دورهم في الصّف أو من يتحكم مزاجهم بشدّة في طبيعة تعاملهم وأدائهم.
سيكون غالبا مرغما على تعاملات تجعله يتجرعه سوءًا كان من الممكن تفاديه لو  أنّ سلوكيات الآخرين كانت في المستوى اللائق بمبادئ المواطنة والانضباط المنسجم بامتياز مع مكارم الأخلاق.
لانحتاج للزّج بالمواطن الأنيق في السّوق لنعرضه للازدحام أو لمشاهد تحرش ذميمة أو لتحايل يكتشفه متأخرًا، ولاأن نجعله يمرض فيصدم من الخيانة العميقة لقسم أبقراط ولا نعرضه ذات ليلة لاعتداء دامٍ لأنّ لصوص المدينة لايملكون مؤهلات أخلاقية عالية... سنوجز ونختم فقط بمناسبة الإعلام الذي بدأنا بالتعرض له، ونضيف له الصفحات الإلكترونية  التي تملأ كل مرّة بعد أن تظهر المغنية فلانة بفستان يكشف من جسدها أكثر ممّا يستر أو بعد تصريح أوعمل لفلان يحوم حول الجنس، بأن غزّة محاصرة منذ حوالي تسع سنوات وبأنّ سلّة غذاء العربيّ وأدواته لازالت رهينة إنتاج وصناعة الأجنبيّ لعلّ فرصةً للتفكّر وتأملّ الواقع  بعمق أكبر تولد كبصيص نور.
Nassira 7-6-2015