عن قصيدة 'صياح البط البريّ' لبدر شاكر السياب--نصيرة تختوخ
بدايةً حدث أن امتص الغياب العالم فلم يبقَ غير الظلام والفراغ، يمكن كنس كل شيء من الغمامة الكبيرة التي تحبسها جمجمة القارئ وكبح أيّ سؤال حول إحداثيات العدم، الاستسلام للانتظار هو المبادرة الموالية وماأن تنجح حتّى يصيح الدّيك، صوته إشارة انبعاث الزّمن والعُمران ومايسترو النّور. هُوَأوّل الحاضرين أو أوّل الباقين في الأبدية ومن ثمّ الثِّقة في الاستمرار كما يأتي معه. ستقف أُطر الأبواب ، وتنمو البيوت دفعة واحدة . تصلُ وعيها وتكشف بشبابيكها مبايعتها للحياة. وما الحقول أقلّ عزمًا ولاهي إن نوديت لا تستجيب؛ تعرف كيف تطوي المسافة وتقترب، تَتَابع فيها الأشجار حتى تقف آخر واحدة عارضة نفسها وفي أحضانها الثّمر. الوقت تفصيلٌ متحرك وعندما يبلغ الضحى تكون حالاتٌ كثيرة مفضوحة بيُبسها وضعفها وعطشها.عادت في النهار الآخر بهشاشتها ، في جذورها أمل يتوسّل. بعيدًا عنه ــ من أجله شموعٌ تدفع جسدها قربانًا كي لاينطفئ . كلّ ما سبق هيّأه بدر شاكر السّياب بعناية و عرفانٍ فيه تبادل التأثير والتأثّر بين الكائنات وتموج وتواص...