حديديّون للنحات عاصم الباشا
الحديدي: المنتظر ينتظر وينتظر وحتى وإن أتى ماسيأتي لن يتغير شيء، سيظل على وضعه، جالسا مسنودا بيديه إلى الخلف متنازلا عن ملامحه بزواية وجهه. يتلو انطباعه صامتا لمن يحاول الاجتهاد ليقرأ . رأسه المتقدم على رقبته، المائل قليلا مثيرٌ لحزن قد يحمله الرائي وينتهز فرصته للطلوع . فيمَ يفكر؟ الحقيقة تقول أن الفضول يجب أن يُكبح لصالح التعلّم من التّأمل. إنّه آخذٌ وقته ومن وقتنا معه نرى البطء المؤلم في الإنتظار والدأب على الأمل. سيحدث شيء ما ، سيحدث لأن الحركة في عناصر أخرى مستقلة عنّا تؤدي إلى حالات جديدة . الحديدي المثير للفرح : إنّه حديدي يركض متحررا من الوجه ، مستفيدا من هيأته وشكل ساقيه. رافعا ذراعيه إلى السماء، طاويا يديه المثلثتين إلى الخلف يوقظ الإحساس بالطفولة الكبيرة، بالدعابة التي تغيب عن الراشدين وقد اجتاحتهم الأعراف وقلّمت نظرات الآخرين وأحكامهم التهور فيهم . مثيرٌ للحبّ كما أنجزه النحات عاصم الباشا ونجح في تجسيد اندفاعه وتوازنه واقفا رغم مايوحي به من حركة. ينتزع منّا نظرة الودّ ليصرفها لنا شعورًا طيّبًا بالفرح ونفض ثقل العبء اليومي لصالح انطلاق...