عرّاف الماء لراسل كروـــ نصيرة تختوخ

راسل كرو كما عوّدنا متنقلا في الزمن وكما ألفه جمهوره شجاعا ومغامرا نلقاه في فيلم ''عرَّاف الماء '' الذي أخرجه وشاركه بطولته ممثلون أتراك من بينهم يلماز إردوغان في دورالرائد حسن و جِم يلماز في دور '' جمال'' بالإضافة إلى الحسناء الأوكرانية أولغا كوريلينكو في دور عائشة الأرملة والأمّ التركية القائمة على شؤون النزل الذي يأوي إليه جوشوا كونور(راسل كرو) بعد وصوله من أستراليا.
زوجةٌ وثلاثة أبناء يكبرون برعاية وحب كانوا أفراد أسرة جوشوا التي وجد نفسه يُحرم منها بعد غياب الأبناء في الحرب وارتماء الأم في البحيرة حزنا ويأسا بعد فقدانهم.
يسافر الأرمل بعد أن يدفن زوجته إلى تركيا العثمانية حيث اختفى أبناؤه آرثور (ريان كور)، إدوارد(جيمس فرايزر) وهنري( بين أوتول) وقد كانوا يحاربون إلى جانب البريطانيين. يتعرف باحثا عن الجثث على الرائد حسن الذي يصبح لاحقًا صديقه ويسعفه حدسه على إدراك مكان جثتيّ هنري وإدوارد. بينما يؤمن لاحقا لثقته بما يوحيه له إحساسه ورؤياه بأن آرثور على قيد الحياة.
الفيلم يتنقل بين طفولة الأبناء وماحدث لاحقا في معاركهم وتحركات الأب التي تُنسج من حولها تفاصيل تخدم ثراء العمل ككلٍّ. قد ينتبه المشاهد بسهولة للاستخدام الجميل للتقنيات الحديثة في خلق بعض المشاهد وتلاحق هذه الأخيرة بتوظيف ذكيّ لمميزات ثقافية للحياة التركية.
حوارات وتصرفات زملاء راسل كرو في '' عرّاف الماء '' كما تنكشف للمشاهد تنفلت من الجدّية إلى الفكاهة والدّعابة اللطيفة التي تكسر الروتين بدرجات لاتُخرج العمل السينمائيّ من طابعه الدراميّ. فتتخلل الحرب والتوتر حفلات ومشاهد رقص و حياة مستمرة بطبعها العاديّ.
الطابع الاستشراقي المتعالي الذي سبق وأن أفسد بعض الإنتاجات السينمائية في الماضي وقد يتخوف منه المُشاهد لايظهر بالحدّة المثيرة للنفور والإزعاج مع النجم النيوزيلاندي ورفاقه وإن قرأه البعض في مواقف في الفيلم فإنّه لن يستطيع نفي التوازن الذي يخلقه المخرج بمشاهد أخرى تُحسب للثقافة والإنسان التركيّ.
من المفارقات الناعمة في الفيلم أن جوشوا كونور الذي يظهر في بداية الفيلم وهو يستدل على الماء باستعمال غصن وينجح في حفر بئر ومن تسعفه رؤاه على العثور على مكان وجودأبنائه يقابِل ويُعْجَبُ بعائشة التي أخبرته أن القهوة هي من تقول كل شيء في تركيا، وكما سبق لها أن حاولت قراءة فنجانه، تقدم له آخر فنجان مختلفًا ،بما وضعته فيه، وتتركه ليخمن ويؤوّل.
يأتي الإهداء في نهاية الفيلم، مُذَكِّرا بالمفقودين في الحروب والضحايا الذين لايتم التعرف على أسمائهم ككرزة حمراء تنام على قمّة قشدة تكسو كعكة، فيبدو كديكور إضافي لفيلم ممتع لم يلمس معه المشاهد بأنه فيلم قضيّة بالدرجة الأولى لكن لايضره أنّه أشار لحقيقة مؤلمة.
Nassira -5-4-2015