رسالة مارتن هايدغر إلى حنّة آرندت بتاريخ: 21ـــ2ــ1925 ترجمة: نصيرة تختوخ

عزيزتي حنه،
لمَ الحبّ ذو ثراء لايقاس، يفوق كل القدرات الإنسانية ثراءً، وللمُحِبّ عبء حلو؟
لأننا نتغير فيما نحب ومع ذلك نبقى أنفسنا. نريد أن نشكر الحبيبة ولانجد ماهو جيد بما يكفي من أجلها.
بأنفسنا فقط نقدر على الشكر. الحب يبدل الامتنان بالثقة في النفس والإيمان اللامشروط بالآخر. هكذا ينمي الحب باستمرار سرّه العميق.
القرب هنا هو التواجد على أكبر مسافة من الآخر ـــ المسافة التي لاتجعل أي شيء يتلاشى ــ ووضع ال '' أنت 'في هناك شفافة ـــ لكن لامفهومةـــ وحيدة ـ خـاصة بتَجَلٍّ.
أن يدخل حضور الآخر يوما ما حياتنا، أمر لايمكن تفاديه. القدر الإنسانيّ يسلّم نفسه للقدر الإنسانيّ، وخدمة الحب الخالص أن يُبْقِي ذلك التسليم يقظا كما كان في أوّلِ يوم.
لو كنت قابلتني عندما كان عمرك ثلاث عشرة سنة، لو حدث ذلك بعد عشر سنوات ــ لامعنى لتخمين ذلك.
لا، إنه يحدث الآن، الآن تُجَمِّلُ الحياة نفسها بهدوء من أجل تلك الخاصة بالمرأة، الآن حيث يزهر حدسك ورغبتك ويضحكان ــــ زمن الفتاة كختم لايمحى تأخذينه معك في حياتك، كنبع للنية الحسنة والإيمان والجمال والعطاء الأنثوي الدائم.
ومالذي يمكنني فعله الآن؟
أن أخشى أن لاينكسر فيك أي شيء؛ أن يزول ماعَرَفْتِه من ألمِ وتعب الماضي؛ أن تبتعد الأمور الغريبة والمفروضة من الخارج عليك.
الإمكانات مع تواجد الكائن الأنثوي في بيئة الشخص مختلفة وأكثر إيجابية بكثير مما تتوقعه '' الطالبة '.
من أجلك تسقط الانتقادات الفارغة ومن أجلك يبتعد الجحود المتطاول.
الطلب الرجولي عليه أن يتعلّم تكريم عرض الاستسلام البسيط ،الانشغال الأحادي من المفترض أن يأخذ بعين الاعتبار العالم الواسع في أصل الكلّ في كينونة الأنثى.
الفضول، النميمة، غرور التعلم لايمكن استئصالهم؛ فقط المرأة، بطريقتها في أن تكون، تستطيع رفع الحياة الفكرية الحرة إلى الرقي المشرف.
عندما سيبدأ الفصل الدراسي الجديد، سيكون ماي، و يتموج الليلك على الجدران القديمة ويتهادى زهر الشجر في الحدائق المختبئة ـــ وأنت تمشين بفستان صيفي خفيف، تعبرين الممر القديم.
ستأتي ليالٍ صيفية إلى غرفتك وفي روحك الشابة تعلن الابتهاج الهادئ لحياتنا. بقي القليل لتستيقظ الأزهار التي تقطفها يداك اللطيفتان. وتكسو الخضرة أرض الغابة حيث تعبر أحلامك السعيدة.
وأكون ملزما بتحية سريعة للجبال وحيدا في جولة جبليةـــ يوما ما سيرحب بك هدوؤها الصخري، في خطوطها يعود المختبئ من الشخص إليه. وعن البحيرة بين الجبال أريد أن أبحث لأنظر من أكثر انحدارات الهاوية انحدارا إلى الأسفل في عمقها الهادئ.
م
الخاص بك
(مارتن هايدغر)
Nassira 6-4-2015