أمشي إليها

أفرغت غرفتي المفضلة من كل مالايشبهني. من كل ما يملأ المكان دون أن يؤدي أدنى وظيفة.
رميت الأشياء الدخيلة قطعة قطعة وكأنني أحاول تخليص سفينة تغرق من حمولتها الزائدة وحين انتهيت جلست على كرسيي الهزاز وتمنيته أن يحملني دون أن يعبر عن وجوده ويهتز.
خفت عليه ربما أن يزعجني ويلحق بالبقية.
خفت أن يكون الذي يحدث غير ماأصارح به نفسي ،وأن أكون بدأت ماأخاف.
بقيت على الكرسي دهرا أحدق في فضاء الغرفة الخالية من دلالات الوقت والزمن والفصول ولاأفكر في أمر معين.
لا أدندن شيئا ,لا أنوي شيئا ولا أتخيل أو ربما تخيلت وأضعت صور الخيال في جرن نسيان انفتح على الفراغ.
لم أسمع حسيس روحي إلا والظلام يقتحم المكان ويقتادني إلى مدن البكاء, لأبكي بلا موعد.
أبكي أمام كل الشتاءات التي قاومتُ وهزمت وأمام كل العواصف التي روضت ريحها ولم تطوني كساق قصب.
أبكي ورود المخدات التي انمحت قبل أن تنجح في التسلل إلى حلم واحد من أحلامي وأغنيتي التي نسيت طريقها إلى قلبي.
أبكي دموعي المالحة وأشواكي الساقطة ونهاراتي السريعة ، الهاربة.
في لُجة الظلام لحق بي حزنٌ ثقيل، كثيف ،ظننت أنه ظالم آتٍ من أسطورة قديمة، سيجرني لدهاليز العذاب. واشتهيت أن أمنح في طريقي وهم أمنية تسليني.
تنهدت وحركت رأسي .وضعت شفاهي على ظهر يدي واستسلمت لانسياب أنين خافت يرافق دموعي.
ماذا يريد بي غول الحزن ولمَ حضر؟
أهي لعنة كانت تسكن مزهرية قديمة خرجت لتسكن روحي ؟ أم هو القدر الليلي الذي يحدث كما نُدِر له أن يفعل؟
تساؤلات بدأت تشعل تفكيري رويدا رويدا وانتبهت لزر المصباح القريب مني .
ضغطت عليه .أغمضت عيناي ثم فتحتهما.
أطلت علي خزانة الكتب كبناية صامدة في وجه التحديث .
أجبرتني على القيام إليها.
وضعت يدي على الرف الرابع على اليمين وسحبت ديوان شعر.
تصفحته وكان فيه المجنون يمر على الديار ديار ليلى يقبل ذا الجدار وذا الجدار .
حاولت أن أبتسم لكن الحزن جرني إليه.
كدت أقع وكدت لاأعي أنني أخطو أولى خطاي بعد الخروج من الظلام.
ديار ليلى وصهيل خيل ودياري وصوت أمي وعاشق يقبل الجدار .
أيام هدمت ديارا ومسحت قُبَلا.
قُبَلٌ صنعت أجنحة وقبل صعدت إلى السماء وقُبَلٌ روت العطاشى وقبلٌ بحثت عن شفاه لتبكي عليها .
تذكرت يدي كانت على شفاهي وتذكرت عودا وقانونا وبُنَّا عربيا.
ارتفع صهيل الخيل وأفلتت حواسي من لجام الحزن، غَلَبَتْه.
أعدت المجنون إلى ديار ليلى والمجلد إلى مكانه .
نظرت خلفي ثم أمامي. تبعت حواسي وخرجت.
Nassira