ندف ثلج .قصة نصيرة تختوخ

ظللت أنتظره حتى تعب انتظاري مني.
لم أتوقع أن هناك احتمالا ولو بسيطا وضئيلا و مهملا بأن يتخلف عن موعدنا.
كل المساءات التي سبقت أتت وهو فيها بلا مشقة أو جدل.
يحضر، يجلس، نتحدث، يتحرك، نتحرك معاً، نرحل كمجنونين إلى آفاقٍ مستحيلة ونحب بخجل ثم بجرأة، نحب بحب ثم بحب وسعادة وشغف .
تعلمت معه ،وقد يكون تعلم معي أيضا، أن بعد كل الدرجات درجات وأن الجميل فيما بعد الاكتشاف الحفاظ على الرغبة في المعاودة واكتشاف مابعد الاكتشاف.
مشيت إلى بيتي وغرفتي ولحظتي كمن يمشي إلى الخلف ليعيد ترتيب الزمن ،و الحقيقة أن الزمن أعند من كل الخطوات وأنه يهتدي ببوصلته فقط.
أدرت قرصا لسالفاتور آدامو .
كنت أبحث عن أغنية واحدة،أسمعها وأطلق عنان بكائي.
أبكي خيبتي وأبكي تمزق شوقي وأبكي كل دمعة تثقلني وتخرسني وتزرع ندما في بساتين ضلوعي.
ولم تأت أغنية آدامو ، لم يسقط فيها الثلج كعادتها.
لم تصل.
أعاقها شرخ في القرص المدمج وأحسست بشرخي يصرخ ولايجد من يرسمه ويوثقه ويسمعه.
انهمرت دموعي وأنا أكسر القرص وأنا أفرط عقدي وأنا أسمع رنين الجرس ولاأمشي إلى الباب.
تمنيت أن أذوب وأن تمتصني مسام عالم ما لاأحس فيه بشيء.
ألح الجرس ،أصر على مناداتي.
تهيأ لي أنه يحتج على فكرة انتقالي إلى عالم آخر وأنه يريد أن يربطني بالمكان والزمان.
لم أنظر في المرآة وكنت أتخيل الكحل يسيل على خدودي أسودا كحزني.
قبل أن أفتح الباب مسحت بيدي على وجهي ونظرت إلى أصابعي .
استدرت نحو الساعة وكانت عقاربها لاتزال تتحرك غير آبهة ،تمنيت كسرها.
فتحت الباب وكان هُوَ.
على شعره ومعطفه ندف ثلج  وعلى وجهه برودة شتاء وقلق رجلٍ يحب.
 
Nassira