في حضرة رمبرانت فان راين


كنت يوم أمس في أمستردام. زرت متحف الرايكس و بعده  متحف فان خوخ.
المسافة بين المتحفين قصيرة و من المفارقات الغريبة أن بعض السواح يقفون بجوار متحف الرايكس و يسألون عن الطريق إلى متحف فان خوخ و لا يدركون ربما أنه بالقرب من مبنى يحوي كنوزا إبداعية منقطعة النظير.
متحف الرايكس يحوي لوحات الرسامين الهولنديين القدامى و من لم تطبق شهرتهم الآفاق من أمثال ريمبرانت و فرمير و فان خوخ لكنه يضم أيضا أروع أعمال ريمبرانت و فرمير و خزائن وفخاريات لفنانين من أقاصي الأرض و في منتهى الإتقان والإبداع و الروعة.
جمال  لوحات ريمبرانت على الصور في الكتب أو المجلات أو على الشبكة العنكبوتية قد لا يبلغ عشر الجمال و الروعة اللذان يكتشفهما المرء وهو يقف أمام لوحات الفنان الخالدة.
لوحة جولة الليل
التي يتباهى بها جدار إحدى القاعات و تكاد تغطيه بالكامل تستحق عن جدارة أن تتباهى بها المملكة الهولندية و الرماة الذين يظهرون فيها إن دفعوا لرمبرانت مقابل ظهورهم على اللوحة فإنهم كتبوا لوجوههم الخلود بحق.
تقول المعلومات المجاورة للوحة أن من صورتهم ريشة ريمبرانت فان راين في لوحته هم من أغنياء أمستردام فقط لأن الفقراء لم يكن لهم ليدفعوا مقابل تجسديهم في اللوحة , يحس المرء بنقمة الطبقية و الفقر لكنه لن يجرؤ بالتأكيد النقمة على ريمبرانت.


المرأة العجوز





في لوحة 'المرأة العجوز'

فإن منديل الرأس و المعطف يبدوان بلمعان وواقعية تسحر الألباب لدرجة أن الرغبة في ملامسة ثوبهما تراود المشاهد و ذات الأمر يتكرر أمام لوحة 'الشرقي ' و عمامته البيضاء المتدلية على كتفه.
عيون الشرقي كأصابع المرأة العجوز القصيرة المبسوطة على الكتاب تسخر من عدسات الكاميرا التي لا تنجح دوما في جعلنا نتوقف أمام تفاصيل الإنسان.

العروس اليهودية





 ' العروس اليهودية' ولمسة الحب و لغز النظرات و تباين اللباس والألوان مع الخلفية فيها تشهد كلها بأنه لا مبالغة في تقييم اللوحة و اعتبارها من أفضل اللوحات عالميا.
روعة دانتيل قميص ' ماريا تريب ' ومجوهراتها وفستانها ينمون عن ثراء والدها و ينقلون الُمشاهد إلى زمن مضى وإلى لحظة جمعت الفتاة العشرينية برسام أمستردام الشهير كي يكتب لها الخلود في لوحة.
ماريا تريب

كل اللوحات تشهد بأن هولندا من حقها أن تفخر برمبرانت كفنان و كجزء من تاريخها و تراثها و أن تكرمه في مدنها في أمستردام كما في

لايدن .


الحديث عن لوحات فيرمير وعن عالم فان خوخ و من عاصره من فنانين كما وجدتهم في متحفه مغرٍ ولاشك لكن الدموع التي ترقرقت في عيوني في حضرة رمبرانت تلزمني أن أضع نقطة نهاية ولو لحين.

Nassira